تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ} (50)

وقوله تعالى : ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ) والله أعلم ، صلة قوله : ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه )[ الآية : 25 ] فيقول : وقد أرسلنا هودا إلى عاد أخاهم .

ثم يحتمل قوله : ( أخاهم ) الأخوة ؛ تكون على وجوه :

أحدها : أخوة جنس ، يقال : هذا أخو هذا [ نحو مصراعي الباب ؛ يقال لأحدهما : هذا أخو هذا ][ من م ، في الأصل : لأحدهما ] ونحو أحد زوجي الخف وأمثاله .

والثانية[ في الأصل وم : و ] : أخوة في النسب .

والثالثة[ في الأصل وم : و ] : أخوة في الدين كقوله ( إنما المؤمنون إخوة )[ الحجرات : 49 ] فهو [ إن ][ ساقطة من الأصل وم ] لم يكن أخا لهم في الدين فهو يحتمل أنه أخوهم في الجنس وفي النسب لأن الناس كلهم ينسبون إلى آدم ، فيقال : بنو آدم مع بعد ما بينه وبينهم . فعلى ذلك يكون بعضهم لبعض إخوة مع بعد النسب الذي بينهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) يعبد ؛ أي الذين تعبدون ليسوا بآلهة ، لا يستحقون العبادة . إنما الإله الذي يستحق العبادة الذي خلقكم ، وخلق لكم الأشياء .

وقوله تعالى : ( إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ) أي ما أنتم إلا مفترون . لا يحتمل أن يكون هو[ في الأصل وم : و ] قد قال لهم هذا في أول ما دعاهم إلى التوحيد وفي أول ما ردوا إجابته ، وكذبوه ، [ لأن الأنبياء ][ في الأصل وم : لأنهم ] أمروا بلين القول لهم وتذكير النعمة عليهم كقوله لموسى وهارون حين[ في الأصل وم : حيث ] بعثهما إلى فرعون بقوله : ( فقولا له قولا لينا )الآية[ طه : 44 ] ولكن كأنه قال لهم ذلك لما سبق منه إليهم دعاء غير مرة ، وأقام عليهم الحجة والبراهين ، فردوها . فعند ذلك قال لهم هذا حين[ في الأصل وم : حيث ] ( قالوا يا هود ما جئتنا ببينة )[ الآية : 53 ] .

وقوله تعالى : ( إن أنتم إلا مفترون ) يحتمل في تسميتهم الأصنام التي عبدوها ؛ يقول ( إن أنتم إلا مفترون ) في ذلك . ويحتمل أن سماهم مفترين[ في الأصل وم : مفترون ] في ما قالوا : الله أمرهم بذلك : أنتم افتريتم في ما ادعيتم الأمر بذلك ، [ إشارة إلى قوله تعالى ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها )[ الأعراف : 28 ] أو مفترون في إنكارهم[ في الأصل وم : إنكارهم ] البعث والرسالة .