روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ} (50)

{ وإلى عَادٍ } متعلق بمحذوف معطوف على قوله سبحانه : { أَرْسَلْنَا } [ هود : 25 ] في قصة نوح وهو الناصب لقوله تعالى : { أخاهم } أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحداً منهم في النسب كقولهم : يا أخا العرب ، وقدم المجرور ليعود الضمير عليه ، وقيل : إن { إلى عَادٍ أَخَاهُمْ } عطف على قوله تعالى : { نُوحاً إلى قَوْمِهِ } [ هود : 25 ] المنصوب على المنصوب . والجار والمجرور على الجار والمجرور ، وهو من العطف على معمولي عامل واحد وليس من المسألة المختلف فيها ، نعم الأول أقرب كما في «البحر » لطول الفصل بالجمل الكثيرة بين المفردات المتعاطفة ، وقوله سبحانه : { هُودًا } عطف بيان لأخاهم وجوز أن يكون بدلاً منه وكان عليه السلام ابن عم أبي عاد وأرسل إليه من هو منهم ليكون ذلك أدعى إلى اتباعه { قَالَ } استئناف بياني حيث كان إرساله عليه السلام مظنة للسؤال عما قال لهم ودعاهم كأنه قيل : فما قال لهم حين أرسل إليهم ؟ فقيل : قال : { عَلَيْهِ قَوْمٌ } ناداهم بذلك استعطافاً لهم ، وقرأ ابن محيصن { عَلَيْهِ قَوْمٌ } بالضم وهي لغة في المنادى المضاف إلى الياء حكاها سيبويه . وغيره { اعبدوا الله } أي وحده وكانوا مشركين يعبدون الأصنام ؛ ويدل على أن المراد ذلك قوله تعالى : { مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ } فإنه استئناف يجري مجرى البيان للعبادة المأمور بها ، والتعليل للأمر بها كأنه قيل : أفردوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً إذ ليس لكم إله غيره سبحانه على أنه لا اعتداد بالعبادة مع الإشراك ، فالأمر بها يستلزم الأمر بإفراده سبحانه بها و { غَيْرُهُ } بالرفع صفة لإله باعتبار محله لأنه فاعل للظرف لاعتماده على النفي ، وقرأ الكسائي بالجر على أنه صفة له جار على لفظه { إِنْ أَنتُمْ } ما أنتم بجعلكم الألوهية لغيره تعالى كما قال الحسن أو بقولكم : إن الله تعالى أمرنا بعبادة الأصنام { إِلاَّ مُفْتَرُونَ } عليه تعالى عن ذلك علواً كبيراً .