مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ} (50)

قوله تعالى { وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون }

اعلم أن هذا هو القصة الثانية من القصص التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة ، واعلم أن هذا معطوف على قوله : { ولقد أرسلنا نوحا } والتقدير : ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا وقوله : { هودا } عطف بيان .

واعلم أنه تعالى وصف هودا بأنه أخوهم ومعلوم أن تلك الأخوة ما كانت في الدين ، وإنما كانت في النسب ، لأن هودا كان رجلا من قبيلة عاد ، وهذه القبيلة كانت قبيلة من العرب وكانوا بناحية اليمن ، ونظيره ما يقال للرجل يا أخا تميم ويا أخا سليم ، والمراد رجل منهم .

فإن قيل : إنه تعالى ، قال في ابن نوح { إنه ليس من أهلك } فبين أن قرابة النسب لا تفيد إذا لم تحصل قرابة الدين ، وههنا أثبت هذه الأخوة مع الاختلاف في الدين ، فما الفرق بينهما ؟

قلنا : المراد من هذا الكلام استمالة قوم محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن قومه كانوا يستبعدون في محمد مع أنه واحد من قبيلتهم أن يكون رسولا إليهم من عند الله ، فذكر الله تعالى أن هودا كان واحدا من عاد ، وأن صالحا كان واحدا من ثمود ؛ لإزالة هذا الاستبعاد .