جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا} (12)

{ وَجَعَلْنَا {[2808]}اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ{[2809]} } تدلان على قدرة خالقهما وحكمته ، { فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ } ، الإضافة بيانية ، { وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً{[2810]} } مضيئة أو مبصرة للناس من أبصره فبصر{[2811]} وعن ابن عباس كان القمر وهو آية الليل يضيء كما تضيء آية النهار وهي الشمس فمحونا آية الليل محوه السواد الذي في القمر ، وسئل عن{[2812]} علي ما هذه اللطخة لتي في القمر ؟ فقال : ويحك ! أما تقرأ القرآن فمحونا آية الليل فهذه محوه ، وروي عن آخرين من السلف{[2813]} ما يدل على ذلك ، { لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } لتطلبوا في النهار أسباب معاشكم ، { وَلِتَعْلَمُواْ {[2814]}عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ } لولا محو آية الليل لكان مثل النهار مضيئا فما عرفنا عدد السنين ولا جنس الحساب ، { وَكُلَّ شَيْءٍ } ، مما تحتاجون إليه ، { فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } : بيناه بحيث لا يلتبس .


[2808]:ثم عد ما عد للكل من إنعام عام ظاهرة باهرة دالة على قدرته الكاملة فقال: "وجعلنا الليل" الآية / 12 وجيز.
[2809]:كلام السلف كما سنذكره دال على أن آيتين مفعول جعلنا وقوله: "الليل والنهار" ظرفان في موقع المفعول الثاني "فمحونا آية الليل" وعلى ما ذكرنا ليست الإضافة بيانية / 12 وجيز.
[2810]:قال الكسائي: أبصر النهار إذا أضاء بحيث يبصر فيه الأشياء / 12 منه.
[2811]:فيكون متعديا، أي يجعل الناس بصراء / 12 منه.
[2812]:كما رواه ابن جرير وغيره من طرق متعددة /12.
[2813]:مثل قتادة والحسن وغيرهما / 132 منه.
[2814]:ظاهر القرآن، على أن قوله لتبتغوا ولتعلموا متفرع على المحو والإبصار كما قال: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" (البقرة:189)، وليس ببعيد أن يقال النقصان الذي في نور القمر في أوائل الشهر وأواخره داخل في المحو فلو كان القمر دائما بدرا كنور الشمس أو كان بعض الليالي كالنهار مضيئا فلا يمتاز أحدهما من الآخر لكل أحد ولا يختص النهار بطلب المعاش ولا الليل بالسكن ولا يعرف الجميع عدد السنين والحساب ولا يتميز أوسط الشهر عن الأول والآخر ويكون مجيء الشهر الفلاني وذهابه مجرد اصطلاح من غير تعبير وبيان / 12 وجيز.