الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا} (12)

ثم قال تعالى{[40536]} : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا الليل } [ 12 ] .

معناه : أن الله [ عز وجل ]{[40537]} عرف عباده نعمه عليهم{[40538]} ، / فمن نعمه [ أن ]{[40539]} جعل الليل مخالفا للنهار ليسكنوا في الليل ويتصرفوا في معائشهم [ التي قدرت لهم{[40540]} ] بالنهار ، وليعلموا عدد [ السنين والحساب أي : عدد ]{[40541]} سنينهم وحساب ساعات الليل والنهار{[40542]} .

ومعنى { آيتين } أي : جعلنا الليل والنهار علامتين{[40543]} .

فعلامة النهار [ ر ]{[40544]} الشمس وعلامة الليل القمر { وكل شيء فصلناه تفصيلا } [ 12 ] . أي : بيناه [ تبيينا ]{[40545]} بيانا شافيا .

وقوله : { فمحونا آية الليل } [ 12 ] ، أي : لم يجعل للقمر ضياء ونورا كالشمس وقوله : { وجعلنا آية النهار مبصرة } [ 12 ] أي : مضيئة ، وهي{[40546]} : الشمس .

والمحو الذي في القمر هي اللطخة التي تظهر فيه{[40547]} للمتأمل{[40548]} ، ويروى أن الله جل{[40549]} ذكره أمر جبريل عليه السلام{[40550]} ، فأمر بجناحه على القمر فصار فيه المحو الذي فيه . وقد كان ضياؤه مثل الشمس أو أشد ، ولكن الله جل ذكره فرق بينهما ليعرف الليل من النهار ، وليعلم عدد السنين والشهور ، الأجل{[40551]} ، والحج وغير ذلك{[40552]} .

وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله [ عز وجل ]{[40553]} شمسين{[40554]} من نور{[40555]} عرشه فأما ما كان في سابق علمه أنه يدعها{[40556]} شمسا فإنه جعلها مثل الدنيا على قدر ما بين مشارقها إلى مغاربها . وأما ما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا فإنه جعلها دون الشمس في العظم ، ولكن إنما يرى صغرها لشدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض . ولو ترك القمر كما خلقه أول مرة لم يعرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، ولا عدد الأيام ولا الشهور ، فأرسل جبريل [ عليه السلام ]{[40557]} إلى القمر فأمر جناحه على وجه القمر وهو يومئذ شمس ، ثلاث مرات فطمس عنه الضوء وبقي منه النور فذلك قوله : { وجعلنا الليل والنهار آيتين } [ 12 ] . الآية . فالسواد الذي يرون في القمر أثر المحر{[40558]} .


[40536]:ساقط من ق.
[40537]:ساقط من ق.
[40538]:ق: "عليهم نعمه".
[40539]:ساقط من ق.
[40540]:ساقط من ق.
[40541]:ساقط من ط.
[40542]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/48.
[40543]:وهو الزجاج، انظر: معاني الزجاج.
[40544]:ساقط من ق.
[40545]:ساقط من ق.
[40546]:ق : هو.
[40547]:ق: يظهر فيها.
[40548]:وهو قول علي بن أبي طالب، انظر: معاني الفراء 2/118 وجامع البيان 15/49.
[40549]:ق: جعل.
[40550]:ط: "صم".
[40551]:ط: "الأجال".
[40552]:انظر: هذا القول في الجامع 10/149.
[40553]:ساقط من ق.
[40554]:ق : "الشمس".
[40555]:ق : "قرر".
[40556]:ق : "يدعاها".
[40557]:ق : "يدعاها".
[40558]:انظر : قول ابن عباس في الجامع 10/149، وفيه أنه روي مرفوعا 10/150، والدر 5/247 عن ابن أبي حاتم وابن مردويه قال "بسند واو".