جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة بني إسرائيل مكية ، وقيل : إلا قوله : " وإن كادوا ليفتنونك " إلى ثمان آيات . وهي مائة وإحدى وعشرة آية ، واثنا عشر ركوعا .

{ سُبْحَانَ } اسم بمعنى التسبيح ، أي : أنزهه تنزيها من جميع القبائح التي يضيفها إليه أعداء الله تعالى مجد الله نفسه وعظم شأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه ، { الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } محمد{[2801]} صلى الله عليه وسلم ، { لَيْلاً } أي : في بعض الليل ، فإنه مع تنكيره دال على تقليل مدة الإسراء ، { مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } مسجد مكة أو من مكة لا من المسجد ويطلق على مكة كلها مسجد الحرام ، { إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى } الذي ببيت المقدس ببدنه الأشرف والأصح ، بل الصحيح أن الإسراء في اليقظة بعد البعثة مرة{[2802]} واحدة وإن كان في المنام قبلها ، { الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } بالثمار والأزهار وببركات الدين والدنيا ، { لِنُرِيَهُ } أي : محمدا ، { مِنْ آيَاتِنَا } الكبرى عجائب سماواته وغرائب آياته ، { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ } لأقوال العباد مصدقين ومكذبين ، { البَصِيرُ } فيجزيهم وفق ما يستحقون .


[2801]:فإنه صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي يربط فينا الأنبياء ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن قال جبريل: أصبت الفطرة، قال: ثم عرج بي إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل قيل له: من أنت؟ فقال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا آدم فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ فقال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف فإذا هو قد أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فقيل:من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: بعث إليه، ففتح لنا فإذا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم فإذا هو مستند إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيلة فإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع لأن يصفها من حسنها قال: فأوحى إلى ما أوحى وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال: فرجعت إلى ربي فقلت: أي رب! خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى قال: ما فعلت؟ قلت قد حط عني خمسا، قال: إن أمتك لا تطق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ويحط عني خمسا حتى قال: يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون، صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها لم تكتب فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب فإن عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت" رواه الشيخان واللفظ لمسلم. [البخاري ومسلم (1/388) ط الشعب].
[2802]:لا كما قال بعضهم: كان مرات جمعا بين الأحاديث / 12.