الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا} (12)

وقوله سبحانه : { وَجَعَلْنَا الليل والنهار آيَتَيْنِ } [ الإسراء : 12 ] .

الآية هنا العلامةُ المنْصُوبة للنَّظَر والعِبْرة . وقوله سبحانه : { فَمَحَوْنَا آيَةَ الليل } قالتْ فيه فرقة : سببُ تعقيب الفاء أن اللَّه تعالى خَلَق الشمْسَ والقَمَر مضيئَيْنِ ، فمحا بعد ذلك القَمَرَ ، محاه جبريلُ بجناحه ثلاثَ مرَّات ، فمِنْ هنالك كَلَفُهُ ، وقالت فرقة : إِن قوله : { فَمَحَوْنَا آيَةَ الليل } إِنما يريدُ في أصْلِ خلقته ، { وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً } أي : يُبْصَرُ بها ومعها ، ليبتغي الناس الرزَقَ وَفَضْلَ اللَّهِ ، وجعَلَ سبحانه القمَرَ مخالفاً لحالِ الشمْسِ ليعلم به العدَدُ من السنينَ والحسابُ للأشهرِ والأيامِ ، ومعرفةُ ذلك في الشرْعِ إِنما هو من جهة القمرِ ، لا من جهة الشمس . وحكى عياضٌ في «المدارك » في ترجمة الغازي بن قَيْس قال : روي عن الغازي بن قَيْس أنه كان يقول : ما مِنْ يومٍ يأتي إِلاَّ ويقولُ : أَنَا خَلْقٌ جَدِيد ، وعَلَى مَا يُفْعَلُ فيَّ شَهِيد ، [ فَخُذُوا مِنِّي ] قَبْلَ أنْ أَبِيد ، فإِذا أمْسى ذلك اليومُ ، خَرَّ للَّهِ ساجِداً ، وقال : الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلنِي [ الَيْوَم ] العَقيم انتهى . «والتفصيل » البيان .