قوله تعالى : { آيَتَيْنِ } : يجوز أن يكونَ هو المفعولَ الأولَ ، و { الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ } ظرفان في موضع الثاني قُدِّما على الأول ، والتقدير : وجَعَلْنا آيتين في الليلِ والنهار ، والمرادُ بالآيتين : إمَّا الشمسُ والقمرُ ، وإمَّا تكويرُ هذا على هذا ، وهذا على هذا ، ويجوز أنْ يكونَ " آيَتَيْن " هو الثاني ، و { الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ } هما الأول . ثم فيه احتمالان ، أحدُهما : أنه على حَذْفِ مضافٍ :/ إمَّا من الأولِ ، أي : نَيَّرَي الليل والنهار ، وهما القمرُ والشمسُ ، وإمَّا من الثاني ، أي : ذَوِي آيتين . والثاني : أنه لا حَذْفَ ، وأنهما علامتان في أنفسِهما ، لهما دلالةٌ على شيءٍ آخرَ . قال أبو البقاء : " فلذلك أضافَ في موضعٍ ، وَوَصف في آخر " يعني أنه أضافَ الآيةَ إليهما في قولِه { آيَةَ الْلَّيْلِ } و { الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ } ووصفَهما في موضعٍ آخرَ بأنهما اثنان لقولِه : " وجَعَلْنا الليلَ والنهارَ آيتين " . هذا كلُّه إذا جَعَلْنَا الجَعْلَ تصييراً متعدِّياً لاثنين ، فإن جَعَلْناه بمعنى " خَلَقْنا " كان " آيتين " حالاً ، وتكونُ حالاً مقدرة .
واستشكل بعضُهم أَنْ يكونَ " جَعَلَ " بمعنى صَيَّر قال : " لأنه يَسْتَدْعِيْ أن يكونَ الليلُ والنهارُ موجودَيْن على حالةٍ ، ثم انتقل عنها إلى أخرى " .
قوله : " مُبْصِرَةً " فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه مِنْ الإِسنادِ المجازيِّ ، لأنَّ الإِبصارَ فيها لأهلِها ، كقولِه : { وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً } [ الإِسراء : 59 ] لمَّا كانت سبباً للإِبْصار . وقيل : " مُبْصِرة " : مضيئةً ، وقيل : هي من بابِ اَفْعَل ، والمرادُ به غيرُ مَنْ أُسْنِد الفعلُ إليه كقولهم : " أَضْعَفَ الرجلُ " ، أي : ضَعُفَتْ ماشِيتُه ، و " أَجْبن " إذا كان أهلُه جبناء ، فالمعنى أنَّ أهلَها بُصراء .
وقرأ عليُّ بن الحسين وقتادةُ " مَبْصَرة " بفتح الميم والصاد ، وهو مصدرٌ أقيم مُقام الاسمِ ، وكَثُر هذا في صفاتِ الأمكنة نحو : " مَذْأَبَة " .
قوله : { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ } فيه وجهان ، أحدهما : أنَّه منصوبٌ على الاشتغال ، ورُجِّح نصبُه لتقدُّمِ جملةٍ فعلية . وكذلك { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ }
[ الإِسراء : 13 ] . والثاني : - وهو بعيد - أنه منصوبٌ نَسَقاً على " الحِسابَ " ، أي : لتعلموا كلَّ شيءٍ أيضاً ، ويكون " فَصَّلْناه " على هذا صفةً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.