جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا} (15)

{ مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ } : لا ينجي غيره ، { وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } لا يضر ضلاله غيره ، { وَلاَ تَزِرُ } : لا تحمل ، { وَازِرَةٌ } نفس حاملة ، { وِزْرَ أُخْرَى } نفس أخرى ، بل لا تحمل إلا وزرها ، { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } يبين لهم ما يجب عليه فلا يدخل أحدا في النار إلا بعد إرسال الرسل إليه كما قال تعالى : " كما ألقي فيها فوج سألها خزنتها " الآية ( الملك : 8 ) ، فعلى هذا الظاهر أن يقال : إن من نشأ في شاهق جبل ولم يسمع رسولا فهو معذور وكذا المجنون الدائم المطبق وكذا الأطفال{[2819]} مطلقا ، لكن الشيخ الأشعري ذهب إلى لأنهم يمتحنون يوم القيامة بأن يأمرهم الله بدخول النار فمن أطاع نجا ودخل الجنة وانكشف علم الله فيه لسابق السعادة ، ومن عصى دخل النار داخرا وانكشف تقدم شقاوته وحكاه عن أهل السنة والجماعة وهو مختار البيهقي ومحققي العلماء والنقاد وعلى أحاديث{[2820]} منها ما هو صحيح ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف ولولا التزام الاختصار لذكرنا نبذا منها مع تحقيق المسألة ردا وإثباتا .


[2819]:أي: الأطفال المؤمنين والكافرين / 12.
[2820]:وفي حديث رواه البيهقي وقال إسناده صحيح أربعة يحتجون يوم القيامة: "أصم لا يسمع شيئا وأحمق وهرم ومن مات في فترة فيرسل الله إليهم أن ادخلوا النار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها" وروى غير البيهقي مثل هذا المعنى بعبارات مختلفة وقد صرح الأشعري أن الأطفال يمتحنون يوم القيامة بمثل ما نقلنا في الحديث وقال: على هذا أهل السنة والجماعة، ولما بين سبحانه أنه لا يعذب أحدا قبل بعثة الرسول بين بعد ذلك علة إهلاكهم، قال: "وإذا أردنا" الآية / 12 وجيز. [الحديث أخرجه الطبراني(2179) والضياء في "المختارة" وهو في "المسند" (4/24) وصحيح ابن حبان (1827) وانظر "الصحيحة" (1434)].