جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (153)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ } : على طلب الآخرة ، { بِالصَّبْرِ } : عن المعاصي ، { وَالصَّلاَةِ } ، التي هي أم العبادات {[250]} ، { إِنَّ {[251]} اللّهَ مَعَ {[252]} الصَّابِرِينَ } : بالعون والنصرة .


[250]:الفارق بين الكفر والإيمان والصبر أمر قلبي، والصلاة ثمرته، وهي من أشق التكاليف لتكررها في كل يوم وليلة/12 وجيز
[251]:قال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول: ولفظ المعية في كتاب الله جاء عاما، كما في قوله تعالى: "وهو معكم أينما كنتم" [الحديد: 4] وفي قوله: "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا رابعهم" إلى قوله "هو معهم أينما كانوا" [المجادلة: 7] وجاء خاصاً كما في قوله: "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" [النحل: 128]، وقوله: "إني معكما أسمع وأرى" [طه: 46]، وقوله: "لا تحزن إن الله معنا" [التوبة: 40] ولو كان المراد أن الله بذاته مع كل شيء، لكان التعميم يناقض التخصيص فإنه قد علم أن قوله: "لا تحزن إن الله معنا" أراد به تخصيص نفسه وأبا بكر دون عدوهم من الكفار، وكذلك قوله: "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" خصهم بذلك دون الظالمين والفجار، وأيضا فلفظ المعية ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن أن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى كما في قوله: "محمد رسول الله والذين معه" [الفتح: 29]، قوله: "فأولئك من المؤمنين" [النساء: 146]، وقوله: "اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة: 119]، وقوله: "وجاهدوا معكم" [الأنفال: 75]، ومثل هذا كثير، فامتنع أن يكون قوله: "وهو معكم" [الحديد: 4] يدل على أن ذاته تكون مختلطة بذوات الخلق، وأيضا فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم، فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم به، وقد بسط الكلام عليه في موضع آخر، وبين أن لفظ المعية في اللغة وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة، فهو إذا كان مع العباد، ولم يناف ذلك علوه على عرشه، ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه، فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان، ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد. انتهى مختصراً/12 منه.
[252]:ولما كانت الصلاة ناشئة عن الصبر، قال: "إن الله مع الصابرين" اندرج المصلون تحت الصابرين، اندراج الفرع تحت الأصل/ 12 منه