جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيۡكُمۡ حُجَّةٌ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِي وَلِأُتِمَّ نِعۡمَتِي عَلَيۡكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (150)

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ، لما كان النسخ من مظان الفتن والشبه ، أكد وكرر وبالغ مراراً ، { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ } ، أحد من الآحاد ، { عَلَيْكُمْ {[247]} حُجَّةٌ {[248]} } ، فإن اليهود قالت : ما درى {[249]} محمد أين قبلته حتى هديناه ، فلما صرفت القبلة بطلت صورة حجتهم ، { إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } : من الناس ، كمشركي مكة ، فإنهم قالوا : محمد قد تحير في دينه وسيعود إلى ملتنا كما عاد إلى قبلتنا ، والاستثناء متصل ، قيل : معناه لئلا يكون لأحد من اليهود حجة ، إلا للمعاندين منهم ، فحجة المنصفين أن يقال لم لا يحول إلى قبلة إبراهيم كما هو مذكور في نعته في التوراة ؟ وحجة المعاندين ، أنه ما ترك قبلة الأنبياء إلا ميلاً إلى دين قومه ، والمراد من الحجة ما يساق سياقها ، { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } ، المشركين ، فمطاعنهم لا تضركم ، { وَاخْشَوْنِي } : فلا تخالفوا أمري ، { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ } ، بتكميل الشريعة ، وهو عطف على قوله لئلا يكون ، { وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } : لكي تهتدوا أنتم خصوصا إلى قبلة إبراهيم .


[247]:الظاهر أن عليكم حال من حجة: والناس خبر يكون 12 منه
[248]:قيل: حجة الظالمين هي أنه يزعم أن دينه دين إبراهيم، فإن كان بيت المقدس قبلة إبراهيم فلم تحول عنه/منه
[249]:هكذا فسره أبو العالية ومجاهد وعطاء والضحاك وربيع بن أنس وقتادة والسدي/12 منه