بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (153)

ثم قال عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا } ، يعني صدقوا بتوحيد الله تعالى . وهذا نداء المدح ، وقد ذكرنا قبل هذا أن النداء على ست مراتب . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إذا سمعت الله يقول : { يا أيها الذين آمنوا } فَارْعَ له بسمعك فإنه أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه .

{ استعينوا بالصبر والصلاة } على أداء الفرائض وبالصلاة خاصة . قال الزجاج : استعينوا بالصبر على ما أنتم عليه وإن أصابكم مكروه . وقال مجاهد : { استعينوا بالصبر } أي بالصوم والصلاة . وقال الضحاك : { استعينوا بالصبر } على صوم شهر رمضان وعلى الصلوات الخمس . ويقال : الصبر هو الصبر بعينه . ذكر في هذه الآية الطاعة الظاهرة والطاعة الباطنة ، فأمر بالصبر والصلاة ، لأنه ليس شيء من الطاعة الظاهرة أشد من الصلاة على البدن ، لأنه يجتمع فيها أنواع الطاعات : الخضوع والإقبال والسكون والتسبيح والقراءة ؛ فإذا تيسر عليه الصلاة تيسر عليه ما سوى ذلك . وليس شيء من الطاعات الباطنة أشد من الصبر على البدن ، فأمر الله بالصبر والصلاة لأنه حسن . ثم قال : { إِنَّ الله مَعَ الصابرين } ، فالله تعالى مع كل أحد ، ولكن خصّ الصابرين لكي يعلموا أن الله سبحانه وتعالى يفرج عنهم .