فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (153)

{ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا يشعرون } .

{ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة } لما فرغ سبحانه من إرشاد عباده إلى ذكره وشكره عقب ذلك بإرشادهم إلى الاستعانة بالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس ، وبالصلاة التي هي عماد الدين ومعراج المؤمنين ، فإن من جمع بين ذكر الله وشكره واستعان بالصبر والصلاة على تأدية ما أمر الله به ودفع ما يرد عليه من المحن فقد هدي إلى الصواب ، ووفق للخير ، ومن الناس من حمل الصبر على الصوم وفسره به ، ومنهم من حمله على الجهاد ولا وجه لتخصيص نوع دون نوع ، والصبر حبس النفس على احتمال المكاره في ذات الله ، وتوطينها على تحمل المشاق في العبادات وسائر الطاعات ، وتجنب الجزع والمحظورات ، والمعنى استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض وبالصلوات الخمس على تمحيص الذنوب ، وخصها بالذكر لتكررها وعظمها لأنها أم العبادات ومناجاة رب الكائنات .

{ إن الله مع الصابرين } أي بالعون والنصر وإجابة الدعوة ، وهذه المعية التي أوضحها الله فيها أعظم ترغيب لعباده سبحانه إلى لزوم الصبر على ما ينوب من الخطوب فمن كان الله معه لم يخش من الأهوال وإن كانت كالجبال ، وهذه المعية خاصة بالمتقين والمحسنين والصابرين ، وأما المعية بالعلم والقدرة فهي عامة في حق كل أحد ، والجملة تعليل لما قبلها من الاستعانة بالصبر خاصة كما قال أبو السعود أو الصبر والصلاة كما قال الكرخي .