جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِي لَمۡ تَمُتۡ فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمۡسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَيُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (42)

{ الله{[4317]} يتوفى الأنفس } يستوفيها{[4318]} ويقبضها ، { حين موتها والتي } أي : ويستوفي الأنفس التي { لم تمت في منامها } فتجتمع النفوس كلهن في الملأ الأعلى كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن مندة ، وغيره وفي الصحيحين ما يدل{[4319]} على ذلك ، { فيمسك التي قضى عليها الموت } : فلا يردها إلى الجسد ، { ويرسل الأخرى } ، أي : النائمة إلى جسدها ، { إلى أجل مسمى } : وهو وقت الموت ، { إن في ذلك } ، أي : التوفي والإمساك والإرسال ، { لآيات لقوم يتفكرون } ، في عجائب قدرته .


[4317]:ولما ذكر أنه تعالى أنزل الكتاب على رسوله بالحق، نبه على آية من آياته الكبرى، الدالة على وحدانيته لا شركة لأحد في ذلك بالاتفاق، {الله يتوفى الأنفس} الآية / 12 وجيز.
[4318]:والأصح: أن الروح والنفس واحد، والأولى أن يكون المراد من الأنفس الجملة كما قال تعالى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} (الأنعام: 60) أي يميتكم به / 12 وجيز.
[4319]:وهو حديث (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) رواه الشيخان، وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {الله يتوفى الأنفس} الآية، تلتقي أرواح الأحياء، وأرواح الأموات في المنام، فيتساءلون بينهم ما شاء الله، ثم يمسك الله أرواح الأموات، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها إلى اجل مسمى، لا يغلظ بشيء منها، لذلك قوله: {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} نقله السيوطي في الدر المنثور، وفي الفتح، والأظهر أن الروح والنفس شيء واحد، وهو الذي تدل عليه الآثار الصحاح، وقال الزجاج: لكل إنسان نفسان: نفس التمييز، وهو الذي تفارقه إذا نام، والأخرى نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس، والنائم يتنفس، قال القشيري: في هذا بعد إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحالين شيء واحد، ولهذا قال: {فيمسك التي قضى عليها الموت} الآية / 12.