قوله : { الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا } أي الأرواح حين موتها فيقبضها عند انقضاء أجلها ، وقوله : { حِينَ مِوْتِهَا } يريد موت أجسادها { والتي لَمْ تَمُتْ } يريد يتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها فالتي تتوفى عند النوم هي النفس التي بها العقل والتمييز ولكل إنسان نَفْسَان إحداهما نفس الحياة وهي التي تفارقه عند الموت وتزول بزوالها النفس والأخرى هي النفس التي تفارقه إذا نام وهو بعد النوم يتنفس { فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت } فلا يردها إلى الجسد { وَيُرْسِلُ الأخرى } أي يردها إلى الجسد وهي التي لم يقض عليها الموت { إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو وقت موته{[47500]} .
قوله : { والتي لَمْ تَمُتْ } عطف على " الأنفس " أي يتوفى الأنفس حين تموت ويتوفى أيضاً الأنفسَ التي لم تمت في منامها ف «في منامها » ظرف «ليَتَوَفَّى »{[47501]} . وقرأ الأخَوَان : «قُضِيَ » مبنياً للمفعول الْمَوْتُ رفعاً لقيامه مقام الفاعل{[47502]} .
قيل : إنّ للإنسان نَفْساً وروحاً ، فعند النوم يخرج النَّفْسُ وتبقى الروح ، وعن عليِ قال : تخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعه في الجَسَد ، فبذلك يرى الرؤيا فإذا انتبه من النوم عاد الروح إلى جسده بأسرعَ من لحظة ويقال : إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتَتَعَارف ما شاء الله فإذا أرادت الرجوع إلى أجسادها أمسك الله أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأجساد حتى ترجع إلى أجسادها إلى انقضاء مدة حياتها { إن فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } لدلالات على قدرته حيث لم يغلط في إمساك ما يمسك من الأرواح وإرسال ما يرسل منها .
وقال مقاتل : لعَلامات لقوم يتفكرون في أمر البعث يعني أن تَوفِّي نفسٍ النائم وإرسالَها بعد التَّوفِّي دليلٌ على البعث{[47503]} .
فإن قيل : قوله تعالى : { الله يَتَوَفَّى الأنفس } يدل على أن المتَوفِّي هو الله تعالى فقط ، ويؤكده قوله تعالى : { الذي خَلَقَ الموت والحياة } [ الملك : 2 ] وقوله : { رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ } [ البقرة : 258 ] وقال في آية أخرى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت } [ السجدة : 11 ] ( وقال في{[47504]} آية ثالثة : { إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ ) توفته رُسُلُنَا } [ الأنعام : 61 ] فكيف الجمع ؟
فالجواب : أن المتوفِّي في الحقيقة هو الله تعالى إلا أنه تعالى فوض كل نوع إلى ملك من الملائكة ففوض قبضَ الأرواح إلى ملك الموت وهو الرئيس وتحته أتباع وخَدَمٌ فأضيف التوفِّي في آية إلى الله تعالى وهي الإضافة الحقيقية ، وفي آيةٍ إلى ملك الموت لأن الرئيس في هذا العمل وفي آية إلى أتباعه والله أعلم{[47505]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.