جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ عُزَيۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡۖ يُضَٰهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (30)

{ وقالت{[1954]} اليهود عزير ابن الله } ، وذلك لأن العزير كتب التوراة بعدما فات منهم وضاع ، ثم لما وجدوا نسخة من نسخ التوراة قابلوها به فوجدوها صحيحا فقال بعض جهلتهم ، إنما جاء بها لأنه ابن الله ، { وقالت{[1955]} النصارى المسيح ابن الله } ، وسبب ضلالهم في المسيح ظاهر ، { ذلك قولهم بأفواههم } ، : لا مستند لهم كالمهمل يتفوهون به ليس له مفهم عيني ، { يضاهئون } ، أي : يضاهي قولهم فحذف القول وأقيم المضاف إليه مقامه ، { قول الذين كفروا من قبل } ، من قبلهم ، أي : قدماؤهم فالكفر فيه قديم ، أو المشركين الذين يقولون الملائكة بنات الله ، { قاتلهم الله } ، قال ابن عباس : أي لعنهم الله ، { أنى يؤفكون } ، كيف يضلون عن الحق .


[1954]:هذا كالدليل على جواز مقاتلتهم لما قتل الأنبياء بعد موسى رفع الله عنهم التوراة ومحاها عن قلوبهم خرج عزير وهو غلام يسيح في الأرض فأتاه جبريل وعلمه التوراة فأملاها عليهم عن ظهر لسانه فلما وجدوا شيئا من التوراة قابلوها فوجدوا صحيحا فقالوا ما قالوا/12 وجيز.
[1955]:الأكثرون من المفسرين قالوا: ليس المراد من الأرباب أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم؛ بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم، عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم – وهو يقرأ في سورة براءة اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فقال: "إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه" أخرجه أحمد وابن جرير والترمذي وحسنه البيهقي في سننه وابن أبي حاتم [حسن، انظر صحيح الترمذي (2471)]، وقال الربيع: قلت لأبي العالية: كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟ فقال: إنهم ربما وجدوا في كتاب الله ما يخالف أقوال الأحبار والرهبان فكانوا يأخذون بأقوالهم وما كانوا يقبلون حكم كتاب الله تعالى قال شيخنا ومولانا خاتم المحققين والمجتهدين رضي الله عنهم: قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض مسائل وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب يعني كيف يمكن العمل بظواهر الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها؟! و لو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا/12 كبير.