معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

وقوله : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ }

المعنى الاستئناف . ولم يقولوا هم ذاك ، فيكونَ حكاية . فأما قوله : { وقولهم إِنا قتلنا المسِيح } فإنها كسرت لأنها جاءت بعد القول ، وما كان بعد القول من ( إن ) فهو مكسور على الحكاية في قال ويقولون وما صُرِّف من القول . وأما قوله { ما قلت لهم إلاَّ ما أَمرْتَنِي بِهِ أَن اعبُدُوا اللّهَ ربِّى } فإنك فتحت ( أن ) لأنها مفسِّرة ل ( ما ) ، ( وما ) قد وقع عليها القول فنصبها وموضعها نصب . ومثله في الكلام : قد قلت لك كلاما حسنا : أن أباك شريف وأَنك عاقل ، فتحت ( أَنّ ) لأنها فسّرت الكلام ، والكلام منصوب . ولو أردت تكرير القول عليها كسرتها . وقد تكون ( أنّ ) مفتوحة بعد القول إذا كان القول رافعا لها أو رافعة له ؛ من ذلك أن تقول : قولُك مذ اليوم أَن الناس خارجون ؛ كما تقول : قولك مذ اليوم كلام لا يفهم . وقوله { ولا تقولن لِشيء إني فاعِل ذلِك غدا إلا أَن يشاء الله } المعنى : لا تقولنَّ لشيء : إني فاعل ذلك غدا إلا بالاستثناء : إلا أن تقول : إن شاء الله . ولو أردت : لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك : لا تقل إلا أن يشاء الله كان كأنه أُمر أن يقول إن شاء الله وحدها ، فلا بدّ من أن مفتوحة بالاستثناء خاصة ؛ ألا ترى أنك قد تأمره إذا خلف فتقول : قل إن شاء الله ، فلما أريدت الكلمة وحدها لم تكن إلا مكسورة .