معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَشَجَرَةٗ تَخۡرُجُ مِن طُورِ سَيۡنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهۡنِ وَصِبۡغٖ لِّلۡأٓكِلِينَ} (20)

وقوله : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْناء 20 } وهي شجرة الزيتون { تَنبُتُ بِالدُّهْنِ } وقرأ الحسن ( تُنْبِتُ بالدهنِ ) وهما لغتان يقال نبتت وأنبتت ؛ كقول زهير :

رأيت ذوى الحاجات حول بيوتهم *** قَطِينا لهم حَتَّى إِذا أنبت البقلُ

( ونبت ) وهو كقولك : مَطَرت السَماء وأمطرت . وقد قرأ أهل الحجاز . ( فَاسْرِ بأهْلِكَ ) موصولة من سريت . وقراءتُنا { فأَسْرِ بأَهْلِك } ( من أسْريت ) وقال الله { سُبّحانَ الذي أَسْرَى بعَبْدِهِ لَيْلاً } ( وَهو أجود ) وفي قراءة عبد الله ( تُخْرجُ الدهْنَ ) .

وقوله : { وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } يقول : ( الآكلونَ يصطبغونَ بالزيت . ولو كان ( وصِبْغا ) على ( وَصِبْغاً أنبتناه ) فيكون . بمنزلة قوله { إنا زَيَّنا السَماء الدنْيَا بِزِينَةٍ الكَواكبِ وَحِفْظاً } . وذلكَ أن الصِّبْغ هو الزيت بعينه . ولو كان خلافه لكان خفضاً لا يجوز غَيره . فمن ذلك أن تقول : مررت بعبد الله ورجلا ما شئت من رَجل ، إذا جَعَلت الرجل من صفة عَبد الله نصبته . وإن كان خلافه خفضته لأنك تريد : مررت بعبد الله وآخر .

وقرأ أهل الحجاز ( سِيناء ) بكسر السّين والمدّ ، وقرأ عاصم وغيره ( سَيْناء ) ممدودةً مفتوحة السّين . والشجرة منصوبة بالردّ على الجَنات ، ولو كانت مرفوعة إذ لم يصحبها الفعل كان صَوَاباً . كمن قرأ { وَحُورٌ عِينٌ } أنشدني بعضهم :

ومن يأت مَمْشَانا يصادِف غنيمة *** سِواراً وخَلخالاً وبُرْدٌ مُفَوَّف

كأنة قال : ومع ذلكَ برد مفوَّف . وأنشدني آخر :

هزِئت حُمَيدة أن رأت بي رُتّة *** وفما به قَصَم وجلدٌ أسودُ

كأنه قال : ومع ذلكَ جلد أسود .