الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَشَجَرَةٗ تَخۡرُجُ مِن طُورِ سَيۡنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهۡنِ وَصِبۡغٖ لِّلۡأٓكِلِينَ} (20)

ثم قال : { وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن }[ 20 ] .

أي : وأنشأنا لكم ذلك ، يعني شجرة الزيتون تخرج من جبل فلسطين . ( وطور سيناء ) الجبل الحسن .

فالمعنى{[47359]} وأنشأنا لكم شجرة خارجة من هذا الجبل .

ومن كسر السين من ( سيناء ) جعله فعلالا وليس بفعلاء إذ ليس في الكلام هذا المثال فيه همزة التأنيث ، ولم يصرف لأنه اسم للبقعة ، ولأنه معرفة .

وقال الأخفش{[47360]} : هو اسم أعجمي .

فأما من فتح السين ، فإنه فعلاء ، كحمراء ، فلم ينصرف للتأنيث وهما لغتان{[47361]} .

وقال أبو عمرو : الفتح لغة بني تميم .

وقال الفراء : لم يكسر السين إلا بنو كنانة .

وقال مجاهد{[47362]} : معنى سيناء : المبارك .

وقال ابن عباس{[47363]} : هو جبل بالشام مبارك .

وقال قتادة{[47364]} : معنى ( سيناء ) و( سينين ) ، حسن{[47365]} .

وقال ابن عباس{[47366]} أيضا : سيناء ، الجبل الذي نودي منه موسى .

وقال ابن زيد{[47367]} : هو الطور الذي بالشام جبل ببيت المقدس ممدود من مصر إلى أيلة .

وقيل{[47368]} : هو جبل ذو شجر .

والمعنى فيه : أن سيناء اسم معرفة ، أضيف{[47369]} إليه الطور فعرف به كما قيل : جبلا طيء ، وهو معنى قول ابن عباس : أن سيناء الجبل الذي نودي منه موسى ، وهو مع ذلك مبارك .

ويلزم من قال معناه جبل مبارك أو جبل حسن أن ينون طورا ويجعل سيناء له نعتا .

وقوله : { تنبت بالدهن } مذهب أبي عبيدة{[47370]} أن الباء زائدة والتقدير ، تنبت الدهن .

ومذهب الفراء وأبي إسحاق{[47371]} أن الباء متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل ، فالمصدر في كل الأفعال يحسن دخول الحرف معه على المفعول ، وإن كان لا يحسن مع الفعل . ألا ترى أنك تقول : هو ضارب لزيد ، فتدخل اللام . وتقول : أعجبني أكل للخبز زيد ، ولو قلت : هو ضارب لزيد لم يجز ، لأن اسم الفاعل أضعف في العمل من الفعل . فكذلك المصدر ، هو أضعف في العمل من الفعل . فجاز دخول حرف الجر معه ، وإن كان لا يدخل مع الفعل لقوة الفعل في التعدي .

وتنبُتُ وتنبِتُ لغتان بمعنى كما يقال : مطرت السماء ، وأمطرت وسرى وأسرى بمعنى{[47372]} والتقدير في العربية تنبت وفيها دهن أو معها دهن .

وقوله : { وصبغ للأكلين } يعني الزيتون .

قال ابن عباس : يصطبغ بالزيت الذي يأكلونه . يعني يأتدمون به/ .


[47359]:ز: والمعنى.
[47360]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/417 ومشكل إعراب 2/498 وتفسير القرطبي 12/115.
[47361]:قال في التيسير: 159: الكوفيون وابن عامر (سيناء) بفتح السين والباقون بكسرها. وانظر: الحجة لابن خالويه: 256 والكشف 2/126.
[47362]:انظر: جامع البيان 18/13 وتفسير القرطبي 12/115 والدر المنثور 5/8.
[47363]:انظر: جامع البيان 18/13 وزاد المسير 5/466.
[47364]:انظر: جامع البيان 18/13 و30/241 وتفسير القرطبي 12/115.
[47365]:قوله: (وقال ابن عباس...حسن) ساقط من ز.
[47366]:انظر: جامع البيان 18/34.
[47367]:انظر: جامع البيان 18/34 وزاد المسير 5/467 وتفسير القرطبي 12/114.
[47368]:انظر: جامع البيان 18/34.
[47369]:ز: أضيفت.
[47370]:في النسختين (أبي عبيد) من غير هاء. ولعل الصواب هو (أبي عبيدة) معمر بن المثنى، خصوصا وأن القول في مجاز القرآن 2/56. وقال ابن جني (وهذا عند حذاق أصحابنا على غير وجه الزيادة، وإنما تأويله عندهم – والله أعلم – تنبت ما تنبته والدهن فيها، كما تقول: خرج زيد بثيابه، أي: وثيابه عليه، وركب الأمير بسيفه، أي: وسيفه معه). انظر: سر صناعة الإعراب 1/134.
[47371]:انظر: معاني الفراء 2/232-233 ومعاني الزجاج 4/10.
[47372]:بمعنى سقطت من ز.