السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَشَجَرَةٗ تَخۡرُجُ مِن طُورِ سَيۡنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهۡنِ وَصِبۡغٖ لِّلۡأٓكِلِينَ} (20)

وقوله تعالى : { وشجرة } عطف على جنات أي : وأنشأنا لكم شجرة أي : زيتونة { تخرج من طور سيناء } وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى بن عمران عليه السلام بين مصر وإيلة ، وقيل : بفلسطين ، وفي رواية أخرى : طور سينين ، ولا يخلو إما أنّ يضاف فيه الطور إلى بقعة اسمها سيناء أو سينين ، وإما أنّ يكون اسماً للجبل مركباً من مضاف ومضاف إليه كامرئ القيس ، وبعلبك فيمن أضاف ، فمن كسر سين سيناء وهو نافع وابن كثير وأبو عمرو ، فقد منع الصرف للتعريف والعجمة والتأنيث لأنها بقعة ، وفعلاء لا تكون ألفه للتأنيث كعلباء وحرباء ، ومن قرأ بفتح السين وهم الباقون لم يصرفه ؛ لأنّ الألف للتأنيث كصحراء ؛ قال مجاهد : معناه البركة أي : من جبل مبارك ، وقال قتادة : معناه الحسن أي : الجبل الحسن ، وقال الضحاك : هو بالقبطية ومعناه الحسن ، وقال عكرمة : بالحبشية ، وقال مقاتل : كل جبل فيه أشجار مثمرة ، فهو سيناء وسينين بلغة القبط .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { تنبت } بضم التاء الفوقية ، و كسر الباء الموحدة من الرباعي ، والباقون بفتح الفوقية وضم الموحدة من الثلاثي فقوله تعالى : { بالدهن } تكون الباء على الأول زائدة ، وعلى الثاني معدية قال المفسرون : وإنما أضافها الله تعالى إلى هذا الجبل ؛ لأنّ منه تشعبت في البلاد وانتشرت ؛ ولأنّ معظمها هناك .

قال بعض المفسرين : وإنما عرف الدهن ؛ لأنه أجل الأدهان وأكملها ، وهو في الأصل مائع لزج خفيف يتقطع ولا يختلط بالماء الذي هو أصله فيسرج ويدهن به ، وقوله تعالى : { وصبغ للآكلين } عطف على الدهن أي : إدام يصبغ اللقمة بغمسها فيه ، وهو الزيت ؛ قيل : إنها أول شجرة نبتت بعد الطوفان ووصفها الله تعالى بالبركة في قوله تعالى : { يوقد من شجرة مباركة } [ النور ، 35 ] .