وانتصاب { شجرة } على العطف على { جنات } . وأجاز الفراء الرفع على تقدير : وثم شجرة فتكون مرتفعة على الابتداء ، وخبرها محذوف مقدّر قبلها ، وهو الظرف المذكور . قال الواحدي : المفسرون كلهم يقولون : إن المراد بهذه الشجرة : شجرة الزيتون ، وخصت بالذكر ، لأنه لا يتعاهدها أحد بالسقي ، وهي التي يخرج الدهن منها ، فذكرها الله سبحانه امتناناً منه على عباده بها ؛ ولأنها أكرم الشجر وأعمها نفعاً وأكثرها بركة ، ثم وصف سبحانه هذه الشجرة بأنها { تَخْرُجُ مِن طُورِ سَينَاء } وهو جبل ببيت المقدّس ، والطور الجبل في كلام العرب . وقيل : هو مما عرّب من كلام العجم . واختلف في معنى سيناء فقيل : هو الحسن . وقيل : هو المبارك ، وذهب الجمهور إلى أنه اسم للجبل كما تقول : جبل أحد . وقيل : سيناء حجر بعينه أضيف الجبل إليه لوجوده عنده . وقيل : هو كلّ جبل يحمل الثمار . وقرأ الكوفيون : { سيناء } بفتح السين ، وقرأ الباقون بكسر السين ، ولم يصرف لأنه جعل اسماً للبقعة ، وزعم الأخفش أنه أعجمي . وقرأ الجمهور : { تنبت بالدهن } بفتح المثناة وضمّ الباء الموحدة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمّ المثناة وكسر الباء الموحدة . والمعنى على القراءة الأولى : أنها تنبت في نفسها متلبسة بالدهن ، وعلى القراءة الثانية : الباء بمعنى مع ، فهي للمصاحبة . قال أبو عليّ الفارسي : التقدير : تنبت جناحها ومعه الدهن . وقيل : الباء زائدة ، قاله أبو عبيدة ، ومثله قول الشاعر :
هنّ الحرائر لا ربات أحمرة *** سود المحاجر لا يقرأن بالسور
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج *** . . .
وقال الفراء والزجاج : إن نبت وأنبت بمعنى ، والأصمعي ينكر أنبت ، ويرد عليه قول زهير :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم *** قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
أي نبت . وقرأ الزهري والحسن والأعرج : «تنبت » بضم المثناة وفتح الموحدة . قال الزجاج وابن جني : أي تنبت ومعها الدهن ، وقرأ ابن مسعود : «تخرج » بالدهن ، وقرأ زرّ بن حبيش : «تنبت الدهن » بحذف حرف الجرّ . وقرأ سليمان بن عبد الملك والأشهب : «بالدهان » { وَصِبْغٍ للآكِلِيِنَ } معطوف على الدهن ، أي تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به . وكونه صبغاً يؤتدم به . قرأ الجمهور : { صبغ } ، وقرأ قوم «صباغ » مثل لبس ولباس ،
وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ وصباغ . وأصل الصبغ : ما يلّون به الثوب ، وشبه الإدام به ؛ لأن الخبز يكون بالإدام كالمصبوغ به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.