الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (38)

قوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ } : في " أم " وجهان أحدهما : أنها منقطعةٌ فتتقدر ب " بل " والهمزة عند الجمهور : سيبويه وأتباعهِ ، والتقديرُ : بل أتقولون ، انتقل عن الكلام الأول وأَخَذَ في إنكارِ قولٍ آخر . والثاني : أنها متصلةٌ ولا بدَّ حينئذٍ مِنْ حَذْفِ جملةٍ ليصِحَّ التعادلُ والتقدير : أيقرُّون به أم يقولون افتراه . وقال بعضُهم :/ هذه بمنزلة الهمزةِ فقط . وعَبَّر بعضهم عن ذلك فقال : " الميمُ زائدة على الهمزة " وهذا قولٌ ساقط ، إذ زيادة الميم قليلة جداً لا سيما هنا . وزعم أبو عبيدة أنها بمعنى الواو والتقدير : ويقولون افتراه .

قوله : { قُلْ فَأْتُواْ } جوابُ شرطٍ مقدر قال الزمخشري : " قل : إن كان الأمرُ كما تَزْعمون فَأْتوا أنتم على وجه الافتراءِ بسورةِ مثلِه في العربية والفصاحة والأَبْلغيَّة " . وقرأ عمرو بن فائد " بسورة مثلِه " بإضافة " سورة " إلى " مثله " على حَذْف الموصول وإقامة الصفة مُقامَه ، والتقدير : بسورةِ كتابٍ مثلِه أبو بسورةِ كلام مثله . ويجوز أن يكون التقديرُ : فَأْتوا بسورةِ بشرٍ مثلِه فالضمير يجوز أن يعودَ في هذه القراءةِ على القرآن ، وأن يعودَ على النبي صلى الله عليه وسلم . وأمَّا في قراءة العامة فالضمير للقرآن فقط .