التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (38)

قوله : { أم يقولون افتراه } أم للاستفهام الإنكاري . وقيل : أم المنقطعة بمعنى بل والهمزة ؛ أي بل أيقولن افتراه واختلقه . وقيل : أم بمعنى الواو . والتقدير : ويقولون افتراه . وقيل : الميم زائدة ، والتقدير : أيقولون افتراه . والاستفهام والتوبيخ{[1983]} .

قوله : { قل فاتوا بسورة مثله } وهذه المرحلة الثالثة من مراحل التحدي للعرب ، وهم الفصحاء والبلغاء والعظماء ، وفيهم مصاقع الخطابة ونوابغ البيان واللسن ، أولئك الذين كان جل مفاخراتهم في جودة النظم وبراعة الكلام ، وفي قرظ الشعر على اختلاف ضروبه وأجناسه . وكذا الإبداع في فن الخطابة والسجع . لقد تحداهم وهم على هذه الحال من أصالة اللغة وبراعة البيان أن يأتوا بمثل سورة واحدة من سور القرآن ، وذلك بعد أن تحداهم أن يأتوا بمثله كله ، ثم تحداهم بعد ذلك أن يأتوا بمثل عشر سور من سوره إن استطاعوا . ولما لم يقدروا على ذلك وأعلنوا أنهم عاجزين ناكصون ، تحداهم سبحانه أن يأتوا بمثل سورة واحدة أيا ما تكون السورة ؛ سواء كانت من طوال السور ، أو أقصر قصارها كسورة الكوثر .

قوله : { وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } أي استعينوا بجميع من تستطيعون دعاءه لكي يظاهروكم ويعينوكم سواء من قبائل العرب أو من آلهتكم التي اتخذتموها شركاء لله ، أو من الجن إن استطعتم أن تخاطبوهم وتستعينوا بهم . وهو قوله : { من دون الله } أي ادعوا كل من سوى الله ليعينوكم على الإتيان بسورة من مثل سورة القرآن { إن كنتم صادقين } أي في زعمكم أن هذا القرآن قد افتراه محمد{[1984]} .


[1983]:تفسير القرطبي جـ 8 ص 344 وفتح القدير جـ 2 ص 446.
[1984]:فتح القدير جـ 2 ص 446 وتفسير الطبري جـ 11 ص 82.