قوله تعالى : { فَلَمَّا ذَهَبُواْ } : يجوز في جوابها أوجه ، أحدها : أنه محذوفٌ ، أي : عَرَّفْناه وأَوْصَلْنا إليه الطمأنينة . وقدَّره الزمخشري : " فَعَلُوا به ما فَعَلوا مِن الأذى " وذكر حكايةً طويلة . وقدَّره غيرُه : عَظُمَتْ فِتْنَتُهم . وآخرون " جَعَلوه فيها " . وهذا أَوْلَى لدلالة الكلام عليه .
الثاني : أنَّ الجوابُ مثبتٌ ، وهو قولُه { قَالُواْ يَأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا } ، أي : لمَّا كان كيت وكيت قالوا . وهذا فيه بُعْدٌ لبُعْدِ الكلامِ مِنْ بعضه .
والثالث : أنَّ الجوابَ هو قولُه " وأَوْحَيْنا " والواو فيه زائدةٌ ، أي : فلمَّا ذهبوا به أَوْحَينا ، وهو رأيُ الكوفيين ، وجعلوا مِنْ ذلك قولَه تعالى :
{ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ } [ الصافات : 103 ] ، أي : تَلَّه . وقوله : { حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ } [ الزمر : 71 ] وقولَ امرئ القيس :
2753 فلمَّا أَجَزْنا ساحةَ الحيِّ وانتحى *** بنا بَطْنَ حِقْفٍ ذي رُكامٍ عَقَنِقْلِ
أي : فلمَّا أَجَزْنَا انتحى . وهو كثيرٌ عندهم بعدَ " لَمَّا " .
وقوله : { أَن يَجْعَلُوهُ } مفعول " أَجْمعوا " ، أي : عَزَموا على أن يَجْعلوه ، أو عَزَموا أنْ يجعلوه ، لأنه يتعدى بنفسه وبعلى ، ف " أنْ " يُحْتمل أن تكونَ على حذف الحرف ، وأن لا تكون ، فعلى الأولِ يَحْتمل موضعَها النصبُ والجرُّ ، وعلى الثاني يتعيَّن النصبُ .
والجَعْل يجوز أن يكونَ بمعنى الإِلقاء ، وأن يكونَ بمعنى التصيير ، فعلى الأولِ يتعلَّق " في غيابة " بنفس الفعل قبله ، وعلى الثاني بمحذوفٍ . والفعلُ مِنْ قوله : " وأَجْمعوا " يجوزُ أن يكونَ معطوفاً على ما قبله ، وأن يكون حالاً ، و " قد " معه مضمرةٌ عند بعضهم . والضمير في " إليه " الظاهر عَوْدُه على يوسف . وقيل : يعود على يعقوب .
وقرأ العامَّةُ : " لَتُنَبِّئنَّهُمْ " بتاء الخطاب . وقرأ ابن عمر بياء الغيبة ، أي : اللَّه تعالى . قال الشيخ : " وكذا في بعض مصاحف البصرة " وقد تقدَّم أن النَّقْطَ حادثٌ ، فإن قال : مصحفٌ حادثٌ غيرُ مصحفِ عثمان فليس الكلام في ذلك .
وقرأ سَلاَّم : " لنُنَبِّئَنَّهم " بالنون . و " هذا " صفةٌ لأَمْرهم . وقيل : بدلٌ . وقيل : بيان .
قوله : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملةٌ حالية ، يجوز أن يكونَ العاملُ فيها " أَوْحَيْنا " / ، أي : أوحينا إليه من غير شعور بالوحي ، وأن يكونَ العاملُ فيها " لَنُنَبِّئَنَّهم " ، أي : تُخْبرهم وهم لا يعرفونك لبُعْد المدَّة وتغيُّرِ الأحوال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.