الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

قوله تعالى : { ذلِكَ } : خبر مبتدأ مضمر ، أي : الأمر ذلك . و " ليعلم " متعلقٌ بمضمرٍ ، أي : أظهر اللَّه ذلك ليعلم ، أو مبتدأ وخبره محذوفٌ ، أي : ذلك الذي صَرَّحْتُ به عن براءته أمرٌ من اللَّه لا بدَّ منه ، و " لِيَعْلمَ " متعلقٌ بذلك الخبرِ ، أو يكون " ذلك " مفعولاً لفعلٍ مقدر يتعلَّقُ به هذا الجارُّ أيضاً ، أي : فَعَلَ اللَّه ذلك ، أو فَعَلْتُه أنا بتيسير اللَّه ليعلمَ .

قوله : { بِالْغَيْبِ } يجوز أن تكونَ الباءُ ظرفيةً . قال الزمخشري : " أي " : بمكان الغَيْب وهو الخَفَاءُ والاستتار وراءَ الأبوابِ السبعة المُغَلَّقة " . ويجوز أن تكون الباء للحال : إمَّا مِنَ الفاعل على معنى : وأنا غائب عنه خفيٌّ عن عينه ، وإمَّا من المفعول على معنى : وهو غائب عني خفيٌّ عن عيني ، وهذا مِنْ كلامِ يوسُفَ ، وبه بدأ الزمخشري كالمختار له . وقال غيرُه : إنه مِنْ كلامِ امرأة العزيز وهو الظاهر . وقوله : " وأنَّ اللَّه " نَسَقٌ على " أني " أي ليَعلمَ الأمرين .