الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

والخَطْبُ : الأمر والشأن الذي فيه خطرٌ . قال امرؤ القيس :

2802 وما المَرْءُ ما دامَتْ حُشاشَةُ نفسِه *** بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخُطوبِ ولا آلِ

وهو في الأصلِ مصدرُ خَطَب يَخْطُبُ ، وإنما يُخْطب في الأمور العظام .

قوله : { إِذْ رَاوَدتُنَّ } هذا الظرفُ منصوبٌ بقوله " خَطْبُكُنَّ " لأنه في معنى الفعل ؛ إذ المعنى : ما فعلتنَّ وما أَرَدْتُنَّ به في ذلك الوقتِ ؟

قوله : { الآنَ حَصْحَصَ } " الآن " منصوبٌ بما بعدَه ، وحَصْحَصَ معناه تَبيَّنَ وظهر بعدَ خَفَاءٍ ، قاله الخليل . قال بعضهم : هو مأخوذٌ مِن الحِصَّة والمعنى : بانَتْ حِصَّةُ الحَقِّ مِنْ حِصَّةِ الباطل كما تتميَّز حِصَصُ الأراضي وغيرِها . وقيل : بمعنى ثبت واستقرَّ . وقال الراغب : " حَصْحَصَ الحقُّ ، وذلك بانكشافِ ما يَغْمُره ، وحَصَّ وحَصْحَصَ نحو : كَفَّ وكَفْكَفَ وكَبَّ وكَبْكَبَ ، وحَصَّه : قَطَعه : إمَّا بالمباشرة وإمَّا بالحكم ، فمِنَ الأول قولُ/ الشاعر :

2803 قد حَصَّتِ البيضة رأسي . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومنه رَجُلٌ أَحَصُّ : انقطع بعضُ شَعْره ، وامرأة حَصَّاءُ ، والحِصَّة القطعةُ من الجملة ويُسْتعمل استعمالَ النصيب . وقيل : هو مِنْ " حَصْحَصَ البعير " إذا أَلْقَى ثَفِناتِه للإِناخِةِ ، قال الشاعر :

2804 فَحَصْحَصَ في صُمِّ الصَّفَا ثَفِناتِه *** وناءَ بسَلْمَى نَوُءَةً ثم صَمَّما