الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (87)

قوله تعالى : { فَتَحَسَّسُواْ } : أي : استقصوا خبره بحواسِّكم ، ويكون في الخير والشر . وقيل : بالحاء في الخير ، وبالجيم في الشر ، ولذلك قال هنا " فتحسَّسُوا " ، وفي الحجرات : { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } [ الآية : 12 ] ، وليس كذلك ، فإنه قد قرىء بالجيم هنا . وتقدَّم الخلاف في قوله " وَلاَ تَيْأَسُواْ " . وقرأ الأعرج : " تَيْئَسوا " .

والعامَّةُ على " رَوْح اللَّه " بالفتح وهو رحمتُه وتنفيسُه وقرأ الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة بضم الراء . قال الزمخشري ، " أي : مِنْ رحمتِه التي يحيا بها العباد " . وقال ابن عطية : " وكأن معنى هذه القراءة : لا تَيْئَسوا مِنْ حَيٍّ معه رُوح اللَّه الذي وهبه ، فإنَّ مَنْ بقي روحُه يُرْجَى ، ومِنْ هذا قول الشاعر :

2822 وفي غيرِ مَنْ قدوارَتِ الأرضُ فاطْمَعِ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومن هذا قول عبيد بن الأبرص :

2823 وكلُّ ذي غَيْبَةٍ يَؤُوْبُ *** وغائبُ الموتِ لا يَؤُوبُ

وقراءة أُبَيّ رحمه اللَّه : { مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ } و { عِنْدِ اللَّهِ } { مِن فَضْلِ اللَّهِ } تفسيرُ لا تلاوة .

وقال أبو البقاء : " الجمهورُ على فتح الراء ، وهو مصدر في معنى الرحمة ، إلا أنَّ استعمالَ الفعل منه قليل ، وإنما يُسْتَعمل بالزيادة مثل أراح ورَوَّح ، ويُقرأ بضم الراء وهي لغةٌ فيه . وقيل : هو اسمُ مصدرٍ مثل الشِّرْب والشُّرْب " .