فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (87)

{ يا بني اذهبوا فتحسسوا } التحسس بمهملات طلب الشيء بالحواس مأخوذ من الحس أو من الإحساس أي اذهبوا فتعرفوا { من } خبر { يوسف وأخيه } بالحاسة كالبصر والسمع وتطلبوه وقرئ بالجيم وهو أيضا التطلب وقيل بالحاء في الخير وبالجيم في الشر ومنه الجاسوس ، ومن هنا بمعنى عن لأنه لا يقال تحسست من فلان بل عن فلان أو هي للتبعيض أي تحسسوا خبرا من أخبارهما ولم يقل أخويه لأنه كان يعلم أن الثالث مقيم بمصر فليس حاله مجهولا عنده بخلافهما .

{ ولا تيأسوا من روح الله } أي لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه ورحمته .

قال الأصمعي : الروح ما يجده الإنسان من نسيم الهواء فيسكن إليه ، والتركيب يدل على الحركة والهزة فكل ما يهتز الإنسان بوجوده ويلتذ به فهو روح .

وحكى الواحدي عنه أيضا الروح الاستراحة من غم القلب .

وقال أبو عمرو : الروح الفرج . وعن ابن زيد قال : من فرج الله يفرج عنكم الغم الذي أنتم فيه .

وقال ابن عباس : الروح الرحمة ، يعني أنه استعير الروح للرحمة ، وقيل أنه مصدر بمعنى الرحمة .

{ إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين } لكونهم لا يعلمون بقدرة لله سبحانه وعظيم صنعه وخفي ألطافه ، والمؤمن يصبر عند البلاء وينتظر الفرج والرحمة فينال به خيرا ويحمد الله عند الرخاء والكافر بضد ذلك .