قوله تعالى : { مِنَ الْقُرْآنِ } : في " مِنْ " هذه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنها لبيانِ الجنسِ ، قاله الزمخشري ، وابنُ عطية وأبو البقاء . ورَدَّ الشيخُ عليهم : بأنَّ التي للبيان لا بد أن يتقدَّمَها ما تُبَيِّنُه ، لا أَنْ تتقدَّمَ هي عليه ، وهنا قد وُجِدَ تقديمُها عليه .
الثاني : أنها للتبعيض ، وأنكره الحوفي قال : " لأنه يَلْزَمُ أن لا يكونَ بعضُه شفاءً " . وأُجيب عنه : بأنَّ إنزالَه إنما هو مُبَعَّضٌ . وهذا الجوابُ ليس بظاهرٍ . وأجاب أبو البقاء بأنَّ منه ما يَشْفي من المرضِ . قلت : وهذا قد وُجِد بدليل رُقْيَةِ بعضِ الصحابةِ سَيِّدَ الحيِّ الذي لُدِغ ، بالفاتحةِ فشُفي .
الثالث : أنها لابتداءِ الغاية وهو واضح .
والجمهور على رفع " شِفاءٌ/ ورحمةٌ " خبرين ل " هو " ، والجملةُ صلةٌ ل " ما " وزيدُ بن علي بنصبهما ، وخُرِّجَتْ قراءتُه على نصبِهما على الحال ، والصلةُ حينئذٍ " للمؤمنين " وقُدِّمَتْ الحالُ على عاملها المعنويِّ كقولِه { وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] في قراءةِ مَنْ نصب " مَطْوِيَّاتٍ " . وقولِ النابغة :
رَهْطُ ابنِ كُوْزٍ مُحْقِبي أَدراعَهم *** فيهم ورَهْطُ ربيعةَ بنِ حُذارِ
وقيل : منصوبان بإضمارِ فعلٍ ، وهذا [ عند ] مَنْ يمنع تقديمَها على عاملِها المعنوي . وقال أبو البقاء : " وأجاز الكسائيُّ : " ورحمةً " بالنصب عطفاً على " ما " . فظاهرُ هذا أن الكسائيَّ بَقَّى " شفاء " على رفعِه ، ونَصَبَ " رحمة " فقط عطفاً على " ما " الموصولة كأنه قيل : ونُنَزِّل من القرآن رحمةً ، وليس في نَقْله ما يؤذن بأنه تلاها قرآناً . وتقدَّم الخلاف [ في ] " وننزل " تخفيفاً وتشديداً . والعامَّة على نونِ العظمة . ومجاهد " ويُنْزِل " بياء الغيبة ، أي : الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.