الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ وَٱجۡعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلۡطَٰنٗا نَّصِيرٗا} (80)

قوله تعالى : { مُدْخَلَ صِدْقٍ } : يحتمل أن يكونَ مصدراً ، وأن يكونَ ظرفَ مكان وهو الظاهر . والعامَّةُ على ضم الميم فيهما لسَبْقهما فعلٌ رباعي . وقرأ قتادة وأبو حيوة وإبراهيم بن أبي عبلة وحميد بفتحِ الميمِ فيهما : إمَّا لأنهما مصدران على حَذْفِ الزوائد ك { أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] ، وإمَّا لأنهما منصوبان بمقدَّرٍ موافقٍ لهما تقديره : فادْخُلْ مَدْخَلَ واخرُجْ مَخْرَج . وقد تقدَّم هذا مستوفى في قراءةِ نافع في سورة النساء ، وأنه قَرَأ كذلك في سورة الحج .

ومُدْخَلُ صِدْقٍ ومُخْرَجُ صِدْقٍ من إضافة التبيين ، وعند الكوفيين من إضافةِ الموصوف لصفته ، لأنه يُوصف به مبالغةً .

قوله : " سُلْطاناً " هو المفعولُ الأول للجَعْلِ ، والثاني أحدُ الجارَّيْن المتقدَّمين ، والآخرُ متعلِّقٌ باستقراره . و " نصيراً " يجوز أن يكون مُحَوَّلاً مِنْ فاعِل للمبالغةِ ، وأن يكونَ بمعنى مفعول .