غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارٗا} (82)

/خ73

{ وننزل من القرآن } " من " للبيان كقوله : { من الأوثان } [ الحج : 30 ] أو للتبعيض أي ننزل ما هو شفاء . وهو هذا القرآن أو بعض هذا الجنس . وقيل : زائدة ولما كانت إزالة المرض مقدمة على السعي في تكميل موجبات الصحة ذكر كون القرآن شفاء من الأمراض الروحانية كالعقائد الفاسدة والأخلاق الدميمة ومن الأمراض الجسمانية أيضاً لما في قراءته من التيمن والبركة وحصول الشفاء للمرض كما قال صلى الله عليه وسلم : " من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله " ثم بين أنه رحمة للمؤمنين لما فيه من كيفية اقتناص العلوم الجليلة والأخلاق الفاضلة التي بها يصل الإنسان إلى جوار الملائكة المقرّبين بل إلى جناب رب العالمين ، ولما كان قبول القابل شرطاً في ظهور الأثر من الفاعل فلا جرم { لا يزيد } القرآن { الظالمين } الذي وضعوا التكذيب مقام التصديق والشك موضع الإيقان والاطمئنان { إلا خساراً } لأن البدن غير النقي كلما غذوته زدته شراً فلا يزال سماع القرآن يزيد المشركين غيظاً وحنقاً ويدعوهم ذلك إلى زيادة ارتكاب الأعمال القبيحة وهلم جراً إلى أن يدفع الله مكرهم ونكرهم .

/خ89