قوله تعالى : { عَزَمُواْ الطَّلاَقَ } : في نصبِ " الطلاق " وجهان ، أحدُهما : أنه على إسقاطِ الخافضِ ، لأنَّ " عزم " يتعدَّى ب " على " ، قال :
عَزَمْتُ على إقامةِ ذي صباحٍ *** لأمرٍ ما يُسَوَّدُ مَنْ يسَودُ
والثاني : أن تَضَمِّن " عزم " معنى نَوَى ، فينتصبَ مفعولاً به .
والعَزْم : عَقْدُ القلبِ وتصميمُه : عَزَمَ يَعْزِم عَزْماً وعُزْماً بالفتحة والضمة ، وعَزِيمة وعِزاماً بالكسر . ويستعمل بمعنى القَسَمِ : عَزَمْتُ عليكَ لتَفعلَّنَّ .
والطلاقُ : إحلالُ العَقْدِ ، يقال : طَلَقَتْ بفتح اللام - تَطْلُقُ فهي طالِقٌ وطالقَةٌ ، قال الأعشى :
أيا جارتا بيني فإنَّكِ طالِقَهْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وحكى ثعلب : " طَلُقت " بالضم ، وأنكره الأخفش ، والطلاقُ يجوز أَنْ يكون مصدراً أو اسمَ مصدرٍ وهو التطليقُ .
قوله : { فَإِنَّ اللَّهَ } ظاهرُه أنَّه جوابُ الشرطِ ، وقال الشيخ : " ويَظْهَرُ أنَّه محذوفٌ ، أي : فَلْيُوقِعوه . وقرأ عبد الله : " فإن فاؤوا فيهنَّ " وقرأ أبَيّ " فيها " ، والضميرُ للأَشْهُرِ .
وقراءةُ الجمهورِ ظاهرُها أنَّ الفَيْئَة والطلاقَ إنما تكونُ بعد مضيِّ أربعة الأشهر ، إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ لمَّا كان يَرى بمذهبِ أبي حنيفة : وهو أنَّ الفَيْئَة في مدة أربعةِ الأشهرِ ، ويؤيِّدُه القراءةُ المقتدِّمَةُ احتاج إلى تأويلِ الآيةِ بما نصُّه . " فإنْ قلت : كيف موقعُ الفاءِ إذا كانت الفيئةُ قبل انتهاءِ مدةِ التربُّص ؟ قلت : موقعٌ صحيحٌ ، لأنَّ قولَه : " فإنْ فاؤوا ، وإنْ عَزَموا " تفصيلٌ لقولِه : " للذين يُؤْلُون مِنْ نسائِهِم ، والتفصيلُ يَعْقُب المُفَصَّل ، كما تقول : " أنَا نزيلُكم هذا الشهرَ فإنْ أَحْمَدْتُكم أقمتُ عندَكم إلى آخرِه ، وإلاَّ لم أقُمْ إلاَّ ريثما أتحولُ " . قال الشيخ : " وليس بصحيحٍ ، لأنَّ ما مثَّله ليس بنظيرِ الآيةِ ، ألا ترى أنَّ المثالَ فيه إخبارٌ عن المُفَصَّل حالُه ، وهو قولُه : " أنا نزيلُكم هذا الشهر " ، وما بعد الشرطينِ مُصَرَّحٌ فيه بالجوابِ الدالِّ على اختلافِ متعلَّقِ/ فعلِ الجزاء ، والآيةُ ليسَتْ كذلك ، لأنَّ الذين يُؤْلُون ليس مُخْبَراً عنهم ولا مُسْنَداً إليهم حكمٌ ، وإنما المحكومُ عليه تربُّصُهم ، والمعنى : تربُّص المُؤْلِين أربعةُ أشهر مشروعٌ لهم بعد إيلائِهم ، ثم قال : فإنْ فاؤوا وإنْ عَزَموا " فالظاهرُ أنَّهُ يَعْقُبُ تربُّصَ المدةِ المشروعةِ بأسْرِها ، لأنَّ الفيئةَ تكونُ فيها ، والعَزْمَ على الطلاقِ بعدَها ، لأنهَّ التقييدَ المغايرَ لا يَدُلُّ عليه اللفظُ ، وإنما يُطابقُ الآيةَ أَنْ تقولَ : " للضيفِ إكرامُ ثلاثةِ أيامٍ ، فإنْ أقامَ فنحن كرماءُ مُؤْثِرُون وإنْ عَزَم على الرحيلِ فله أنْ يَرْحَلَ " فالمتبادَرُ إلى الذِّهْنِ أنَّ الشرطينُ مُقَدَّران بعدَ إكرامِه " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.