وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم 227 والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228
( وإن عزموا الطلاق ) العزم العقد على الشئ يقال عزم يعزم عزما وعزيمة وعزمانا واعتزم ، فمعنى عزموا الطلاق عقدوا عليه قلوبهم بأن لم يفيئوا فليوقعوه ، والطلاق من طلقت المرأة تطلق كنصر ينصر ، طلاقا فهي طالق وطالقة أيضا : والطلاق حل عقد النكاح ، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر كما قال مالك ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة ، وأيضا فإنه قال : ( فإن الله سميع ) لقولهم ، وسميع يقتضي مسموعا بعد المضي ، وقال أبو حنيفة سميع لإيلائه ( عليم ) بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر .
والمعنى : ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق .
واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم ، وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ ولا دليل آخر ومعناها طاهر واضح ، وهو أن الله جعل الأجل لمن يولي أي يحلف من امرأته أربعة أشهر ، ثم قال مخبرا لعباده بحكم هذا المؤلي بعد هذه المدة ( فإن فاءوا ) أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح ( فإن الله غفور رحيم ) أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم ( وإن عزموا الطلاق ) أي وقع العزم منهم عليه والقصد له ( فإن الله سميع ) لذلك منهم ( عليم ) به فهذا معنى الآية الذي لا شك فيه ولا شبهة ، فمن حلف أن لا يطأ امرأته ولم يقيد بمدة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر ، فإذا مضت فهو بالخيار إما رجع إلى نكاح امرأته وكفر عن يمينه ، وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها ، أو طلقها وكان حكم المطلق لامرأته ابتداء .
وأما إذا وقت بدون أربعة أشهر فإن أراد أن يبر في يمينه اعتزل امرأته التي حلف منها حتى تنقضي المدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين آلى من نسائه شهرا فإنه اعتزلهن حتى مضى الشهر ، وإن أراد أن يطأ امرأته قبل مضي تلك المدة التي هي دون أربعة أشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة ، وكان ممتثلا لما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " {[211]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.