الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِنَّهُمۡ عَدُوّٞ لِّيٓ إِلَّا رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (77)

قوله : { عَدُوٌّ } : اللغةُ العاليةُ إفرادُ " عَدُوّ " وتذكيرُه . قال تعالى :

{ هُمُ الْعَدُوُّ } [ المنافقون : 4 ] . وإنما فُعِل به ذلك تَشْبيهاً بالمصادرِ نحو : الوَلُوع والقَبُول . وقد يُقال : أعداءٌ وعَدُوَّة . وقوله : { عَدُوٌّ لِي } على أصلِه مِنْ غيرِ تقديرِ مضافٍ ولا قلبٍ . وقيل : الأصنامُ لا تُعادِي لأنها جَمادٌ ، فالتقديرُ : فإنَّ عُبَّادَهم عدوُّ لي . وقيل : بل في الكلامِ قَلْبٌ ، تقديرُه : فإنِّي عدوٌّ لهم ، وهذان مرجوحان لاستقامةِ الكلامِ بدونِهما .

قوله : { إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّه منقطعٌ أي : لكنْ ربُّ العالمين ليس بعدُوّ لي . وقال الجرجاني : " فيه تقديمٌ وتأخيرٌ أي : أفَرَأَيْتُمْ ما كنتم تَعْبُدُوْنَ أنتم وآباؤكم الأَقْدمون ، إلاَّ ربَّ العالمين فإنهم عدوٌّ لي ، و " إلاَّ " بمعنى/ " دون " و " سوى " . والثاني : أنه متصلٌ . وهو قول الزجاج ؛ لأنهم كانوا يَعْبدون اللهَ تعالى والأصنامَ .