فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِنَّهُمۡ عَدُوّٞ لِّيٓ إِلَّا رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (77)

ثم أخبرهم بالبراءة من هذه الأصنام التي يعبدونها فقال :

{ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي } ومعنى كونهم عدوا له مع كونهم جمادا أنه إن عبدهم كانوا له عدوا يوم القيامة ، قال الفراء : هذا من المقلوب ، أي فإني عدو لهم ، لأن من عاديتة عاداك . وأسند العداوة إلى نفسه تعريضا بهم ، وهو أنفع في النصيحة من التصريح بأن يقول فإنهم عدو لكم .

والعدو كالصديق يطلق على الواحد ، والمثنى ، والجماعة ، والمذكر والمؤنث كذا قال الفراء قال علي بن سليمان من قال عدوة الله فأثبت الهاء قال هي بمعنى المعادية . ومن قال عدو للمؤنث ، والجمع ، جعله بمعنى النسب وقيل المراد بقوله { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي } آباؤهم الأقدمون لأجل عبادتهم للأصنام . ورد بأن الكلام مسوق فيما في العابدين .

{ إِلَّا } أي لكن { رَبَّ الْعَالَمِينَ } ليس كذل ، بل هو وليي في الدنيا والآخرة ، لا يزال متفضلا علي

فيهما قال الزجاج قال النحويون هو استثناء ليس من الأول ، وأجاز الزجاج أيضا أن يكون من الأول على أنهم كانوا يعبدون الله عز وجل ويعبدون معه الأصنام فأعملهم أنه تبرأ مما يعبدون إلا الله ، فإني أعبده .

قال الجرجاني تقديره أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون ؟ إلا رب العالمين ، فإنهم عدو لي . فجعله من باب التقديم والتأخير ، وجعل { إِلَّا } بمعنى دون وسوى ، كقوله { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى } أي دون الموتة الأولى ، وقال الحسن بن الفضل : إن المعنى إلا من عبد رب العالمين ،