الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (147)

قوله تعالى : { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ } : الجمهورُ على نصبِ " قولَهم " خبراً مقدماً ، والاسمُ هو " أَنْ " وما في حَيِّزها تقديرُه : وما كان قولَهم إلا قولُهم هذا الدعاءَ ، أي : هو دَأْبُهم ودَيْدَنُهم . وقرأ ابن كثير وعاصم في روايةٍ عنهما برفع " قولُهم " على أنه اسم ، والخبر " أَنْ " وما في حَيِّزها . وقراءةُ الجمهور أَوْلى ؛ لأنه إذا اجتمعَ معرفتان فالأَوْلى أن يُجْعَل الأعرفُ اسماً ، و " أن " وما في حَيِّزها أعرفُ ، قالوا : لأنها تُشْبِهُ المُضْمَرَ مِنْ حيثُ إنها لا تُضْمَرُ ولا تُوصَفُ ولا يُوصف بها ، و " قولهم " مضافٌ لمضمرٍ فهو في رتبة العَلَم فهو أقلُّ تعريفاً .

ورَجَّح أبو البقاء قراءة الجمهور بوجهين ، أحدهما هذا ، والآخر : أنَّ ما بعد " إلاَّ " مُثْبَتٌ ، والمعنى : كان قولُهم : ربنا اغفر لنا دَأْبَهم في الدعاء وهو حسن ، والمعنى : وما كان قولُهم شيئاً من الأقوال إلا هذا القولَ الخاص .

و { فِي أَمْرِنَا } يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بالمصدر قبله يقال : أَسْرَفْت في كذا . والثاني : أنه يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حال منه أي : حالَ كونِه مستقراً في أمرنا ، والأولُ أَوْجَهُ .