غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (147)

142

ثم أخبر أنهم كانا مستعينين عند ذلك التصبر والتجلد بالدعاء والتضرع وطلب الإمداد والنصر من الله ، والغرض أن تقتدي هذه الأمة بهم . فإن من عول في تحصيل مهماته على نفسه وعدده وعدده ذل ، ومن اعتصم بالله والتجأ إليه فاز بالظفر . وفي إضافتهم الذنوب والإسراف إلى أنفسهم وهم ربانيون هضم للنفس واستصغار لها . قال المحققون : إنما قدموا الاستغفار لعلمهم بأنه تعالى ضمن نصر المؤمنين ، فإذا لم يحصل النصرة وظهرت أمارات واستيلاء الأعداء دل ذلك على صدور ذنب وتقصير من المؤمنين ، فيلزم تقديم التوبة والاستغفار على طلب النصرة ليكون طلبهم إلى ربهم عن زكاة وطهارة أقرب إلى الاستجابة . إنهم عمموا الذنوب أوَّلاً الصغائر والكبائر بقولهم : { ربنا اغفر لنا ذنوبنا } ثم خصصوا الذنوب الكبائر بقولهم { وإسرافنا في أمرنا } لأن الإسراف في كل شيء هو الإفراط فيه . والمراد بتثبيت الأقدام وإزالة الخوف عن قلوبهم وإماطة الخواطر الفاسدة عن صدورهم . والمراد بالنصر الأمور الزائدة على القوة والعدة والشدة كإلقاء الرعب في قلوب الأعداء ، وكإحداث أحوال سماوية أو أرضية توجب انهزامهم كهبوب ريح تثير الغبار في وجوههم ، وإجراء سيل في مواضع وقوفهم . وفي الآية تأديب وإرشاد من الله تعالى في كيفية الطلب عند النوائب جهاداً كان أو غيره

/خ150