الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

قوله تعالى : { وَسَارِعُواْ } : قرأ نافع وابن عامر : " سارعوا " دون واو . والباقون بواو العطف . فَمَنْ أَسْقطها استأنف الأخير بذلك ، أو أراد العطفَ ولكنه حَذَفَ العاطفَ للدلالة كقوله تعالى : { ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } [ الكهف : 22 ] . وقد تقدَّم ضعفُ هذا المذهب . ومَنْ أثبت الواو عطفَ جملةً أمريةً على مثلها . وبعد اتِّباعِ الأثرِ في التلاوة اتَّبَع كلٌّ رسمَ مصحَفه فإنَّ الواو ساقطةٌ من مصاحف المدينة والشام ثابتةٌ فيما عداها .

قوله : { مِّن رَّبِّكُمْ } صفةً ل " مغفرة " و " مِنْ " للابتداء مجازاً . وقوله : { عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ } لا بد من حذف أي : مثلُ عرض السماوات ، يدل عليه قوله : { عَرْضُهَا كَعَرْضِ } والجملةٌ في محلِّ جرِّ صفةً ل " جنة " .

قوله : { أُعِدَّتْ } يجوزُ أَنْ يكونَ محلُّها الجرَّ صِفةً ثانية ل " جنة " ، ويجوز أن يكونَ محلُّها النَصبَ على الحال من " جنة " ؛ لأنها لَمَّا وُصِفَتْ تَخَصَّصَتْ فَقَرُبت من المعارف . قال أبو البقاء : " ويجوز أن تكون مستأنفة ، ولا يجوز أن تكونَ حالاً من المضاف إليه لثلاثة أشياء ، أحدها : أنه لا عامل ، وما جاء من ذلك متأولٌ على ضعفه . والثاني : العَرْضُ هنا لاَ يُراد به المصدرُ الحقيقي بل يُرادُ به المسافة . والثالث : أنَّ ذلك يَلْزَمُ منه الفصلُ بين الحال وبين صاحبِ الحالِ بالخبر " معنى بالخبر قولَه " السماوات " وهو ردٌّ صحيح .