فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (147)

( وما كان قولهم ) أي قول أولئك الذين كانوا مع الأنبياء ، والاستثناء مفرغ أي ما كان قولهم عند أن قتل منهم ربانيون أو قتل نبيهم مع ثباتهم وصبرهم عند لقاء العدو ، واقتحام مضايق الحرب ، وإصابة ما أصابهم من فنون الشدائد والأهوال شيء من الأشياء ( إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ) قيل هي الصغائر .

( وإسرافنا في أمرنا ) قيل هي الكبائر والظاهر أن الذنوب تعم كل ما يسمى ذنبا من صغيرة او كبيرة ، والإسراف ما فيه مجاوزة للحد فهو من عطف الخاص على العام ، قالوا ذلك مع كونهم ربانيين هضما لأنفسهم واستقصارا لها وإسنادا لما أصابهم إلى أعمالهم ، وبراءة من التفريط في جنب الله ، وقدموا الدعاء بمغفرتها على ما هو الأهم بحسب الحال من الدعاء بقولهم :

( وثبت أقدامنا ) أي في مواضع القتال ومواطن الحرب بالتقوية والتأييد من عندك أو ثبتنا على دينك الحق ( وانصرنا على القوم الكافرين ) تقريبا له إلى حين القبول فإن الدعاء المقرون بالخضوع الصادر عن زكاء وطهارة أقرب إلى ألاستجابة ، والمعنى لم يزالوا مواظبين على هذا الدعاء من غير أن يصدر عنهم قول يوهم شائبة الجزع والتزلزل في مواقف الحرب ، ومراصد الدين ، وفيه من التعريض بالمنهزمين ما لا يخفى .