الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (92)

قوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ } : النَّيْل : إدراكُ الشيء ولُحوقُه ، وقيل هو العطية ، وقيل : هو تناوُلُ الشيء باليد ، يقال : نِلْتُه أناله نَيْلاً . قال تعالى : { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } [ التوبة : 120 ] . وأمَّا النَّوْلُ بالواو فمعناه التناول ، يقال : نِلته أنوله أي : تناولته ، وأنلته زيداً أَنوله إياه أي : ناولته إياه ، كقولك : عَطَوْتُه أعطوه بمعنى تناولته ، وأعطيته إياه إذا ناولته إياه .

وقوله : { حَتَّى تُنْفِقُواْ } بمعنى إلى أن ، و " مِنْ " في { مِمَّا تُحِبُّونَ } تبعيضيةٌ ، يدلُّ عليه قراءةُ عبد الله : " بعضَ ما تحبون " ، وهذه عندي ليست قراءةً بل تفسيرُ معنى . " ما " موصولةٌ وعائدها محذوف ، والقولُ بكونها نكرةً موصوفة لا معنى له ، وقد جَوَّز ذلك أبو البقاء فقال : [ " أو نكرةٌ موصوفة ، ولا تكون مصدريةً لأنَّ المحبةَ لا تُنْفَقُ ، فإنْ جُعِلَتِ المحبة بمعنى المفعول جاز على رأي عليّ " ] يعني يبقى التقدير : من الشيء المحبوب ، وهذان الوجهان ضعيفان ، والأول أضعف .

وقوله : { وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ } تقدم نظيره في البقرة .