قوله : { فَعَزَّزْنَا } : قرأ أبو بكر بتخفيفِ الزاي بمعنى غَلَّبْنا ، ومنه قولُه :
{ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } [ ص : 23 ] . ومنه قولُهم : " مَنْ عَزَّ بَزَّ " أي صار له بَزٌّ . والباقون بالتشديد بمعنى قَوَّيْنا . يقال : عزَّز المطرُ الأرضَ أي : قَوَّاها ولبَّدها . ويُقال لتلك الأرضِ : العَزازُ ، وكذا كلُّ أرضٍ صُلْبةٍ . وتَعَزَّزَ لحمُ الناقةِ أي : صَلُبَ وقَوِيَ . وعلى كلتا القراءتَيْن المفعولُ محذوفٌ أي : فَقَوَّيناهما بثالثٍ أو فَغَلَّبْناهما بثالث .
وقرأ عبد الله " بالثالث " بألف ولام .
قوله : { إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } جَرَّد خبرَ " إنَّ " هذه من لام التوكيد ، وأَدْخَلها في خبر الثانيةِ ، لأنَّهم في الأولى استعملوا مجرَّدَ الإِنكارِ فقابَلَتْهم الرسُلُ بتوكيدٍ واحدٍ وهو الإِتيانُ ب " إنَّ " ، وفي الثانيةِ بالمبالغة في الإِنكار فقابَلَتْهم بزيادة التوكيدِ فأتَوْا ب إنَّ وباللام .
قال أهل البيان : الأخبارُ ثلاثةُ أقسامٍ : ابتدائيٌّ وطلبيٌّ وإنكاريٌّ ، فالأولُ يُقال لمن لم يتردَّدْ في نسبةِ أحدِ الطرفين إلى الآخر نحو : زيد عارفٌ ، والثاني لِمَنْ هو متردِّدٌ في ذلك ، طالِبٌ له منكِرٌ له بعضَ إنكارٍ ، فيقال له : إنَّ زيداً عارِفٌ ، والثالثُ لِمَنْ يبالِغُ في إنكارِه ، فيُقال له : إنَّ زيداً لعارِفٌ . ومِنْ أحسن ما يُحْكى أن رجلاً جاء إلى أبي العباس الكِنْدِيِّ فقال : إني أجد في كلامِ العربِ حَشْواً قال : وما ذاك ؟ قال : يقولون : زيدٌ قائمٌ ، وإنَّ زيداً قائمٌ ، وإنَّ زيداً لَقائمٌ . فقال : " كلا بل المعاني مختلفةٌ ، فزيد قائمٌ إخبارٌ بقيامِه ، وإنَّ زيداً قائمٌ جوابٌ لسؤالِ سائلٍ ، وإنَّ زيداً لَقائمٌ جوابٌ عن إنكارِ مُنْكِرٍ " . قلت : هذا هو الكنديٌّ الذي سُئل أن يعارِضَ القرآنَ ففتح المصحفَ فرأى سورةَ المائدةِ فكعَّ عن ذلك . والحكايةُ ذكرتُها أولَ المائدة .
وقال الشيخ : " وجاء أولاً " مُرْسَلون " بغير لام ؛ لأنه ابتداءُ إخبارٍ فلا يَحْتاجُ إلى توكيدٍ ، وبعد المحاورة " لَمُرْسَلون " بلامِ التوكيد ؛ لأنه جوابٌ عن إنكار " وهذا قصورٌ عن فَهْم ما قاله أهلُ البيان ، فإنه جَعَلَ المقام الثاني وهو الطلبيُّ مكانَ المقامِ الأولِ ، وهو الابتدائيُّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.