الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَئِنۡ أُخۡرِجُواْ لَا يَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَئِن قُوتِلُواْ لَا يَنصُرُونَهُمۡ وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ لَيُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَٰرَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)

قوله : { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ } : إلى آخره أُجيب القسمُ لسَبْقِه ، ولذلك رُفِعَتِ الأفعالُ ولم تُجْزَمْ ، وحُذِفَ جوابُ الشرطِ لدلالةِ جوابِ القسمِ عليه ، ولذلك كان فِعلُ الشرطِ ماضياً . وقال أبو البقاء : " قولُه : " لا يَنْصُرُوْنَهم " لَمَّا كان الشرطُ ماضياً تُرِكَ جَزْمُ الجوابِ " انتهى . وهو غَلَطٌ ؛ لأنَّ " لا يَنْصُرونهم " ليس جواباً للشرطِ ، بل هو جوابٌ للقسم ، وجواب الشرطِ محذوفٌ كما تقدَّمَ تقريرُه ، وكأنه توهَّم أنه من بابِ قوله :

وإن أتاه خليلٌ يومَ مَسْأَلَةٍ *** يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ

وقد سبق أبا البقاء ابنُ عيطة إلى ما يُوْهِم شيئاً من ذلك ، ولكنه صرَّح بأنه جوابُ القسم ، وقال : " جاءت الأفعالُ غير مجزومةٍ في " لا يَخْرجون " ولا " يَنْصُرون " لأنها راجعةٌ على حكم القسم لا على حكمِ الشرط . وفي هذا نظرٌ " وقوله : " وفي هذا نظر " مُوْهِمٌ أنه جاء على خلافِ ما يقتضيه القياسُ ، وليس كذلك ، بل جاء على ما يَقْتضيه القياسُ . وفي هذه الضمائرِ قولان ، أحدهما : أنها كلَّها للمنافقين . والثاني : أنها مختلفةٌ ، بعضُها لهؤلاء وبعضُها لهؤلاء .