فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَئِنۡ أُخۡرِجُواْ لَا يَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَئِن قُوتِلُواْ لَا يَنصُرُونَهُمۡ وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ لَيُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَٰرَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)

ثم لما أجمل سبحانه كذبهم فيما وعدوا به ، فصل ما كذبوا فيه فقال :

{ لئن أخرجوا لا يخرجون معهم } هذا تكذيب للمقالة الأولى وقوله : { ولئن قوتلوا لا ينصرونهم } تكذيب للمقالة الثالثة ، وأما الثانية فلم يذكر لها تكذيب في التفصيل ، وقد كان الأمر كذلك ، فإن المنافقين لم يخرجوا مع من أخرج من اليهود ، وهم بنو النضير ، ومن معهم ، ولم ينصروا من قوتل من اليهود وهم بنو قريضة وأهل خيبر ، { ولئن نصروهم } أي جاؤوا لنصرهم قاله المحلي أو لو قدر وجود نصرهم إياهم ، لأن ما نفاه الله لا يجوز وجوده ، قال الزجاج : معناه لو قصدوا نصر اليهود وهذا من تمام تكذيبهم في المقالة الثالثة { ليولن الأدبار } منهزمين .

{ ثم لا ينصرون } يعني اليهود ، ولا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصرهم وهم المنافقون ، وقيل : يعني لا يصير المنافقون منصورين بعد ذلك ، بل يذلهم الله ولا ينفعهم نفاقهم ، وقيل : معنى الآية لا ينصرونهم طائعين ، ولئن نصروهم مكرهين ليولن الأدبار ، وقيل : معنى لا ينصرونهم لا يدومون على نصرهم ، والأول أولى ، ويكون من باب قوله : { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } .