فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَئِنۡ أُخۡرِجُواْ لَا يَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَئِن قُوتِلُواْ لَا يَنصُرُونَهُمۡ وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ لَيُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَٰرَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)

ثم لما أجمل كذبهم فيما وعدوا به فصّل ما كذبوا فيه فقال : { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنْصُرُونَهُمْ } وقد كان الأمر كذلك ، فإن المنافقين لم يخرجوا مع من أخرج من اليهود وهم بنو النضير ومن معهم ولم ينصروا من قوتل من اليهود وهم بنو قريظة وأهل خيبر { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } أي لو قدِّر وجود نصرهم إياهم ، لأن ما نفاه الله لا يجوز وجوده . قال الزجاج : معناه : لو قصدوا نصر اليهود { لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ } منهزمين { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } يعني : اليهود لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصرهم ، وهم المنافقون ، وقيل : يعني لا يصير المنافقون منصورين بعد ذلك بل يذلهم الله ولا ينفعهم نفاقهم ، وقيل معنى الآية : لا ينصرونهم طائعين ولئن نصروهم مكرهين ليولنّ الأدبار ، وقيل : معنى { لاَ يَنصُرُونَهُمْ } لا يدومون على نصرهم ، والأوّل أولى ، ويكون من باب قوله : { وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] .

/خ20