قوله تعالى : { صِدْقاً وَعَدْلاً } : في نصبهما ثلاثة أوجه أحدها : أن يكونا مصدرين في موضع الحال أي : تَمَّتِ الكلمات صادقاتٍ في الوعد عادلاتٍ في الوعيد . الثاني : أنهما نصب على التمييز ، قال ابن عطية : " وهو غير صواب " وممن قال بكونه تمييزاً الطبري وأبو البقاء . الثالث : أنهما نصب على المفعول من أجله أي : تَمَّتْ لأجل الصدق والعدل الواقعين منهما ، وهو محلُّ نظر ، ذكر هذا الوجهَ أبو البقاء .
وقرأ الكوفيون هنا وفي يونس في قوله { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ } [ يونس : 33 ] { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } [ يونس : 96 ] موضعان ، وفي غافر : { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } [ الآية : 6 ] " كلمة " بالإِفراد ، وافقهم ابن كثير وأبو عمرو على ما في يونس وغافر دون هذه السورة ، والباقون بالجمع في المواضع الثلاثة . قال الشيخ : " قرأ الكوفيون هنا وفي يونس في الموضعين وفي المؤمن " كلمة " بالإِفراد ، ونافع جميع ذلك " كلمات " بالجمع ، تابعه أبو عمرو وابن كثير هنا " قلت : كيف نسي ابن عامر ؟ لا يقال إنه قد أسقطه الناسخ وكان الأصل " ونافع وابن عامر " لأنه قال " تابعه " ولو كان كذلك لقال " تابعهما " . ووجه الإِفراد إرادة الجنس وهو نظير : رسالته ورسالاته . وقراءةُ الجمع ظاهرةٌ لأنَّ كلماته تعالى متبوعة بالنسبة إلى الأمرِ و النهي والوعد والوعيد ، وقد أُجْمع على الجمع في قوله { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } { وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } [ الأنعام : 34 ] .
وقوله { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } : يحتمل أن لا يكونَ لها محلٌّ من الإِعراب لأنها مستأنفة ، وأن تكونَ جملةً حالية من فاعل " تَمَّتْ " . فإن قلت : فأين الرابط بين ذي الحال والحال ؟ فالجواب أن الرَّبْطَ حصل بالظاهر ، والأصل : لا مبدِّل لها ، وإنما أُبْرزت ظاهرة تعظيماً لها ولإِضافتها إلى لفظ الجلالة الشريفة . قال أبو البقاء : " ولا يجوز أَنْ يكونَ حالاً من " ربك " لئلا يُفْصَلَ بين الحال وصاحبها بالأجنبي وهو " صدقاً وعدلاً " إلا أن يُجْعَلَ " صدقاً وعدلاً " حالاً من " ربك " لا من " الكلمات " . قلت : فإنه إذا جعل " صدقاً وعدلاً " حالاً من " ربك " لم يَلْزَمْ منه فَصْلٌ لأنهما حالان لذي حال ، ولكنه قاعدته تمنع تعدُّدَ الحال لذي حال واحدة ، وتمنع أيضاً مجيء الحال من المضاف إليه ، وإن كان المضاف بعض الثاني ، ولم يمنع هنا بشيء من ذلك . والرسم في " كلمات " في المواضع التي أشرْتُ إلى اختلاف القراء فيها مُحْتَمِلٌ لخلافهم ، فإنه في المصحف الكريم مِنْ غير ألفٍ بعد الميم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.