تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (115)

الآية 115 وقوله تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } قيل : { صدقا } في الأنباء { وعدلا } في الأحكام ؛ تمت أنباؤه بالصدق وأحكامه بالعدل حتى يعرف كل أحد صدق أنبائه وعدل أحكامه . وقيل : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } بالحجج والبراهين لما يعرف كل من تأمل فيها ، ونظر صدقها وعدلها ، أنها من الله .

وقوله تعالى : { لا مبدل لكلماته } هذا تفسير التمام أنها تمت تماما{[7652]} ، لا يرد عليها النقض ولا الجور ولا الخلف ، ليست{[7653]} ككلمات الخلق أنها تبدل ، وتنقض ، وتمنع ، لما يكون فيها من النقصان والفساد ، فإنها تبدل ، وتنقض . ويعجزون عن وفاء ما وعدوا ، ويمنعون عن ذلك . فالله ، تعالى ، يتعالى عن أن يبدل كلماته ، أو يمنع عن وفاء ما وعد ، وأنبأ ، [ أو يجوز ]{[7654]} في حكمه . ويجوز أن يستدل بقوله تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } لقول أصحابنا حين{[7655]} قالوا : من قال لامرأته : أنت طالق ، أتم الطلاق وأعدل الطلاق ، فإنه يقع بما وافق السنة ، وليس يرجع ذلك إلى العدل{[7656]} ؛ لأنه أخبر أن تمت كلمته صدقا وعدلا ، والموافق للسنة هو الحق ، وهو العدل .

ويحتمل { لا مبدل لكلمته } لا مبدل لحججه وبراهينه .

وقوله تعالى : { وهو السميع العليم } أي { السميع } بما ألقى الشيطان ، وأوحى بعضهم إلى بعض { العليم } بأفعال هؤلاء وإجابتهم إياهم . وأهل التأويل يصرفون إلى خاص من القول : بعضهم يقولون : إن قوله تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } هو قوله تعالى : { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } [ هود : 119 والسجدة : 13 ] وقال آخرون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه أهل الكفر إلى عبادة الأوثان .

ولكن هو يرجع ، والله أعلم ، إلى كل نبإ ووعد ووعيد وكل خبر يخبر .


[7652]:- من م، في الأصل: تمام.
[7653]:- في الأصل وم: ليس، وأدرج قبلها في الأصل وم: أنها.
[7654]:- في الأصل وم: إذ يجوز.
[7655]:- في الأصل وم: حيث.
[7656]:- في الأصل وم: العدد