محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (115)

[ 115 ] { وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ( 115 ) } .

{ وتمت كلمت ربك } وقرئ { كلمات ربك } أي : بلغت الغاية أخباره وأحكامه ومواعيده { صدقا } في الأخبار والمواعيد { وعدلا } في الأقضية والأحكام .

/ وقال القاشاني : أي تم قضاؤه تعالى في الأزل بما قضى وقدر من إسلام من أسلم ، وكفر من كفر ، ومحبة من أحب ، وعداوة من عادى ، قضاءا مبرما وحكما صادقا ، مطابقا لما يقع ، عادلا بمناسبة كل قول وكل كمال وحال ، لاستعداد من يصدر عنه واقتضائه له . انتهى .

{ ولا مبدل لكلماته } أي : لا أحد يبدل شيئا منها بما هو أصدق وأعدل . أو لا أحد يقدر أن يحرفها شائعا ذائعا ، كما فعل بالتوراة . على أن المراد بها القرآن ، فيكون ضمانا لها منه تعالى بالحفظ ، كقوله : { وإنا له لحافظون }{[3645]} .

وقال القاشاني : أي لا مبدل لأحكامه الأزلية . انتهى .

قال السيوطي في ( الإكليل ) : يستدل به من قال إن اليهود والنصارى لم يبدلوا لفظ التوراة والإنجيل ، وإنما بدلوا المعنى ، لأن كلمات الله لا تبدل . انتهى . وهو رواية{[3646]} عن ابن عباس- أخرجها البخاري في آخر ( صحيحه ) . وبسط المقام في ذلك الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) . وتقدم لنا في سورة البقرة شذرة من هذا البحث ، فجدد به عهدا .

{ وهو السميع } لما يظهرون من الأقوال { العليم } أي بما يخفون .


[3645]:- [15/ الحجر/ 9] ونصها: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (9)}.
[3646]:- أخرجه البخاري في: 97- كتاب التوحيد، 55- باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ}. وانظر في ذلك، وفي مثله، كتابنا (معجم غريب القرآن، مستخرجا من صحيح البخاري) ففيه كل ما صح عن ابن عباس، ونصه: يحرفون، يزيلون. وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز وجل، ولكنهم يحرفونه يتأولونه على غير تأويله.