الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (33)

قوله تعالى : { وَيَأْبَى اللَّهُ } : { إِلاَّ أَن يُتِمَّ } مفعول به ، وإنما دَخَلَ الاستثناء المفرغ في الموجَب لأنه في معنى النفي ، فقال الأخفش الصغير : " معنى يَأْبَى يمنع " . وقال الفراء : " دَخَلَتْ " إلا " لأنَّ في الكلام طَرَفاً من الجحد " . وقال الزمخشري : " أَجْرى " أبى " مُجرى " لم يُرِدْ " ، ألا ترى كيف قُوبل { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ } بقوله : " ويأبى الله " ، و [ كيف ] أوقع موقع : ولا يريد الله إلا أن يُتِمَّ نوره " . وقال الزجاج : " إن المستثنى منه محذوف تقديره : ويأبى أي ويكره كُلَّ شيء إلا أن يتم نوره " . وقد جمع أبو البقاء بين مذهب الزجاج ومذهبِ غيره ، فجعلهما مذهباً واحداً فقال : " يأبى بمعنى يَكْره ، ويكره بمعنى يمنع ، فلذلك استثنى ، لِما فيه من معنى النفي ، والتقدير : يأبى كلَّ شيء إلا إتمام نوره " .