تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (33)

وقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) يحتمل قوله ( بالهدى ) هدى يهديهم إلى ما به تكون جميع المحاسن والخيرات محاسن وخيرات ؛ إنما تقوم بالإيمان به ينتفع بها ، بعثه لذلك .

ويحتمل قوله ( بالهدى ) وهو القرآن ، يهديهم ويبين لهم المحاسن من المساوئ والحسنات من السيئات ، وهو يهديهم إلى ذلك .

وقوله تعالى : ( ودين الحق ) وهو دين الحق أي الإيمان الذي يصير المحاسن محاسن والخيرات خيرات وهو دين الحق ، ويحتمل قوله ( ودين الحق ) أي دين الله كقوله : ( ويعلمون أن الله هو الحق المبين )[ النور : 25 ] .

وقوله تعالى : ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) يحتمل وجوها : يحتمل ( ليظهره ) رسوله على أهل الدين كلهم[ في الأصل وم : كله ] بالحجج والآيات ، وقد[ في الأصل وم : فقد ] أظهره بحمد الله على الأديان كلها بالحجج والبراهين حتى لم يتعرض أحد في شبه ذلك فضلا [ عن أن لم ][ في الأصل وم : أن ] يتعرض في إبطاله .

ويحتمل ( ليظهره على الدين ) على أهل الدين كلهم بالقهر والغلبة والإذلال وقد[ من م ، في الأصل : فهو ] كان ، حتى خضعوا كلهم ، وذلوا ، حتى لم يبقى في جزيرة العرب مشرك ولا كافر إلا خضع لهم وصار أهل الكتاب ذليلين صاغرين في أيدي المسلمين .

وإن كان المراد من قوله ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) فهو بالحجج والبراهين كلها . وإن كان أراد به الدين أن يظهره على الأديان كلها فبعدو لم يكن ، ويكون إن شاء الله ، هو الظاهر على الأديان كلها يوم القيامة .

وقوله تعالى : ( على الدين كله ) ولم يقل على الأديان كلها فالدين يتأول الأديان كلها كقوله : ( يا أيها الإنسان )[ الإنفطار : 6 ] يدخل فيه كل إنسان . وجائز أن يكون أديانا مختلفة . وهو[ من م ، في الأصل : فهو ] واحد لأن الكفر كله ملة واحدة[ وهو دين ][ من م ، في الأصل : لأن الكفر ] الشيطان ، فسماه بذلك .