قوله تعالى : { هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق } . يعني : الذي يأبى إلاَّ إتمام دينه ، هو الذي أرسل رسوله محمداً : " بالهُدَى " ، أي : القرآن ، وقيل : ببيان الفرائض " ودين الحقِّ " وهو الإسلام ، " لِيُظهِرَهُ " ليعليه وينصره ، { عَلَى الدين كُلِّهِ } على سائر الأديان كلها { وَلَوْ كَرِهَ المشركون } فإن قيل : ظاهر قوله { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } يقتضي كونه غالباً لجميع الأديان ، وليس الأمر كذلك ، فإن الإسلام لم يصر غالباً لسائر الأديان في أرض الهند والصين وسائر أراضي الكفرة .
أحدها : قال ابن عباسٍ " الهاءُ في " لِيُظهِرَهُ " عائدة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أي : ليعلمه شرائع الدِّين كلها ، فيظهره عليها حتى لا يخفى عليه منها شيء " {[17748]} .
وثانيها : قال أبو هريرة والضحاك : هذا وعدٌ من الله تعالى بأنه يجعل الإسلام عالياً على جميع الأديان وتمام هذا يحصلُ عند خروج عيسى عليه الصَّلاة والسَّلامُ .
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى قال : " ويهلكُ في زمانِهِ الملل كُلُّهَا إلاَّ الإسلام " {[17749]} .
وروى المقدادُ قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : " لا يَبْقَى على ظهْرِ الأرض بيتُ مدر ولا وبرٍ إلاَّ أدخلهُ الله كلِمَة الإسلام ، بِعِزِّ عزيز ، أو بذُلِّ ذليلٍ ، إمَّا أن يُعزَّهمُ اللهُ فيجعلهُمْ من أهْلِهِ فيعزُّوا بهِ ، وإمَّا أن يُذلَّهُمْ فيَدِينُون لَهُ " {[17750]} .
وقال السديُّ : ذلك عند خروج المهدي ، لا يبقى أحد إلاَّ دخل في الإسلام ، أو أدَّى الخراج{[17751]} .
وثالثها : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } في جزيرة العربِ ، وقد حصل ذلك ، فإنَّه تعالى ما أبقى فيها أحداً من الكُفَّارِ .
ورابعها : أنَّهُ لا يدين يخالف دين الإسلام ، إلاَّ وقد قهرهم المسلمون ، وظهروا عليهم في بعض المواضع ، وإن لم يكن ذلك في جميع مواضعهم ، فقهروا اليهُود ، وأخرجوهم من بلاد العرب ، وغلبوا النصارى على بلاد الشام وما والاها إلى ناحية الرُّوم والغرب ، وغلبوا المجوس على ملكهم ، وغلبوا عباد الأصنام على كثير من بلادهم ممَّا يلي الترك والهند .
وخامسها : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } بالحُجَّةِ والبيانِ ، وهذا ضعيفٌ ؛ لأنَّ هذا وعد بأنه تعالى سيفعله ، والقوة بالحُجَّة والبيان كانت حاصلة من أوَّلِ الأمْرِ . ويمكن أن يجاب عنه ، بأنَّهُ في مبدأ الأمر كثرت الشبهات ، بسبب ضعف المؤمنين ، واستيلاء الكُفَّارِ ، ومنعهم للنَّاسِ من التأمل في تلك الدلائل ، وأمَّا بعد قوة الإسلام ، وعجز الكُفَّار ، ضعفت الشبهات فقوي دلائل الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.